دال ميديا: في وقتٍ تتصاعد فيه التصريحات الاستفزازية من كبار المسؤولين الأمريكيين بشأن جزيرة غرينلاند، عاد الملف الجيوسياسي الأكثر حساسية في القطب الشمالي إلى الواجهة، بعدما وصف رئيس وزراء غرينلاند الضغوط الأمريكية بأنها “عدوانية وغير مقبولة”، مطالبًا المجتمع الدولي بالتدخل.
الزيارة المرتقبة التي ستجريها أوشا فانس، زوجة نائب الرئيس الأمريكي، إلى غرينلاند هذا الأسبوع للمشاركة في ما وصف بـ”الاحتفال بالثقافة الغرينلاندية”، لم تلقَ ترحيبًا رسميًا على الجزيرة التابعة للسيادة الدنماركية.
وفي منشور لاذع على صفحته الرسمية، أكد رئيس الوزراء موتي بوروب إيغيدي أن طريقة التعامل الأمريكية كانت “غير مقبولة تمامًا”، مشددًا على أن “الهدف الوحيد من الزيارة هو استعراض القوة”.
التصريحات جاءت على خلفية تدهور العلاقات السياسية، بعد سلسلة من التصريحات الأمريكية اللافتة، أبرزها ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق من مارس الجاري:
“أعتقد أننا سنحصل عليها بطريقة أو بأخرى”، في إشارة مباشرة إلى رغبته في ضم غرينلاند إلى الاتحاد الأمريكي، وهو الموقف الذي أثار سخطًا واسعًا في كوبنهاغن ونواك.
ومع تصاعد اللهجة العدائية، وصف نائب الرئيس جي دي فانس الدنمارك مؤخرًا بأنها “حليف سيئ”، مؤكدًا أن “ترامب لا يأبه لصراخ الأوروبيين”، ما أثار ردود فعل دولية، بينها تعليق من الدبلوماسي السويدي كارل بيلدت الذي اعتبر التصريحات “مقلقة للغاية”.
وفي ظل هذا التصعيد، أعرب رئيس وزراء غرينلاند عن قلقه من مغزى الزيارة الأمريكية، متسائلًا عن سبب مشاركة مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز ضمن الوفد، مضيفًا: “ما الذي يفعله مستشار الأمن القومي في فعالية ثقافية؟ الرسالة واضحة: هذا استعراض قوة لا أكثر”.
رفض شعبي واضح
رغم أن غرينلاند أبدت في السابق استعدادها للتعاون مع الولايات المتحدة في مجالات مثل استخراج المعادن النادرة وتعزيز العلاقات الدبلوماسية، إلا أن الرفض الشعبي لخطط الضم لا يزال قويًا.
ففي استطلاع رأي نُشر في يناير، عبر 85% من الغرينلانديين عن رفضهم لفكرة الانضمام إلى الولايات المتحدة، بينما رأى نحو نصف المشاركين أن اهتمام ترامب بالجزيرة يشكل تهديدًا مباشرًا.
من جهتها، أكدت رئيسة وزراء الدنمارك ميته فريدريكسن في تعليق مكتوب لوكالة رويترز، أن حكومتها “تأخذ الزيارة الأمريكية على محمل الجد”، لكنها شددت على أن أي تعاون يجب أن يستند إلى احترام السيادة الكاملة للمملكة الدنماركية.
ومع اتساع الهوة بين الموقف الشعبي في غرينلاند والتوجهات الأمريكية، تبدو الجزيرة القطبية وكأنها تحولت إلى ساحة جديدة للصراع الجيوسياسي بين واشنطن وأوروبا الشمالية، وسط تساؤلات متزايدة:
هل تسعى الولايات المتحدة لمدّ نفوذها باسم الثقافة؟ أم أنها مجرد محاولة لفرض السيطرة بطريقة ناعمة؟