دال ميديا: في تحول مفاجئ بسياساته الاقتصادية، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تعليق الرسوم الجمركية الجديدة لمدة 90 يومًا على معظم الدول، باستثناء الصين، التي تواجه تصعيدًا إضافيًا في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
وأكد ترامب في منشور على منصة Truth Social أن الرسوم بنسبة 10% فقط ستُطبّق مؤقتًا بدلًا من الحزمة الكاملة، على أن تُستغل هذه الفترة في “فتح باب التفاوض مع الدول التي لم ترد برسوم مضادة”، بحسب تعبيره.
“لا يعني ذلك أنني تراجعت… الأمر يتعلق بالمرونة. أحيانًا لا يمكن أن تخترق الجدار، بل عليك أن تلتف حوله”، قال ترامب ردًا على أسئلة الصحفيين حول التناقض بين تصريحه اليوم وما قاله قبل أيام.
الأسواق تضغط… وترامب يبرر: “الناس أصيبوا بالذعر”
ورغم أن ترامب أنكر في البداية أن يكون التراجع عن الرسوم مرتبطًا بانهيار الأسواق العالمية خلال الأيام الماضية، عاد واعترف لاحقًا بأن “بعض الناس أصيبوا بالتوتر والذعر”.
وتعرضت البورصات في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة لسلسلة من الخسائر الحادة بعد إعلان الحزمة الجمركية الأمريكية التي استهدفت أكثر من 160 دولة.
خطة تفاوضية أم تراجع تكتيكي؟
من جهته، أكد سكوت بيسنت، وزير المالية الأمريكي، أن التجميد لم يكن مفاجئًا بل جزءًا من خطة تفاوضية مدروسة:
“الرئيس ترامب خلق لنفسه أفضل موقف تفاوضي ممكن، هذه كانت الخطة طوال الوقت”، صرّح بيسنت لشبكة BBC.
لكن مصادر أوروبية، وعلى رأسها وزير التجارة الخارجية السويدي بنيامين دوسا (عن حزب المحافظين)، شككت في جدية الإدارة الأمريكية، قائلاً:
“بهذا الأسلوب، لا يمكن أن تُدار سياسة تجارية مسؤولة… هناك ملايين الأشخاص حول العالم تعتمد وظائفهم على استقرار التجارة”.
أوروبا مشمولة بالتجميد… لكن الصين تحت الضغط
رغم أن قرار ترامب يشمل معظم دول العالم، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، الذي كان قد صوت في اليوم نفسه على فرض رسوم مضادة على واردات أمريكية، فإن الصين تُستثنى بالكامل من هذه “الهدنة الجمركية”.
بل إن ترامب أعلن عن زيادة الرسوم على الواردات الصينية من 104% إلى 125%، في تصعيد جديد لحرب تجارية مستمرة منذ سنوات.
وردّت الصين بسرعة، معلنة أنها سترفع الرسوم على 84% من المنتجات الأمريكية، وسط أجواء متوترة تهدد بتأجيج صراع اقتصادي طويل الأمد بين أكبر اقتصادين في العالم.
ما التالي؟
حتى اللحظة، لم تتلقِ الحكومات الأوروبية إشعارًا رسميًا من الولايات المتحدة بشأن تفاصيل القرار. وعلّقت المفوضية الأوروبية بأنها “تدرس الموقف بعناية”، لكن الاتحاد لا يزال متمسكًا بمسار الرد الجماعي على الإجراءات الأمريكية.
ومن المتوقع أن تشهد الأسواق المالية جولة من الترقب الحذر خلال الأيام المقبلة، وسط تساؤلات كثيرة حول جدية الولايات المتحدة في السعي إلى اتفاق تجاري جديد، أم أن الأمر لا يتعدى مناورة سياسية مؤقتة.