بعد مرور عام على الهجوم المباغت الذي نفذته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، لا يزال السؤال المطروح: ما هو الهدف الحقيقي من هذا الهجوم؟ الهجوم الذي جلب ثلاثة حروب مختلفة: حرب مدمرة في غزة، وحرب دموية في لبنان، وحرب طويلة الأمد في الضفة الغربية، بالإضافة إلى حروب باردة مع إيران وأذرعها في العراق واليمن وسوريا.
بالرغم من مرور الوقت، يبقى من الصعب الحكم على نتائج الهجوم فيما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية. هناك وجهتان للنظر: الأولى تشير إلى أن 7 أكتوبر قد يكون بداية مسار يقود إلى إقامة دولة فلسطينية، والثانية ترى أن هذا الحدث فتح الباب أمام إسرائيل ليس فقط للقضاء على حل الدولتين، بل ربما لاحتلال أجزاء من دول أخرى في المنطقة.
بالنسبة لحركة حماس، التي بدأت الهجوم وتلقت الرد عليه، فقد كان الثمن باهظاً بشكل لم يكن متوقعاً. قبل الهجوم، كانت حماس قوة يُحسب لها ألف حساب بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولم يكن من المتوقع أن تضحي بموقعها ومكاسبها في حرب طاحنة. لكن هذا ما حدث بالفعل، وكانت النتائج قاسية على الحركة.
خسائر حماس بعد عام من الحرب
فقدت حماس الكثير من الدعم السياسي، بما في ذلك دعم دول أوروبية ودولية كانت تقدم دعماً سياسياً خافتاً أو حتى مالياً لتمويل المشاريع الحكومية في غزة. كما تضررت علاقات الحركة مع بعض الدول الإقليمية التي كانت تدعمها، مثل مصر وقطر. مصادر مطلعة أشارت إلى أن علاقات حماس مع مصر وقطر لم تعد كما كانت من قبل، وقد تكون قطر في مرحلة ما مطالبة للحركة بالخروج، وفقاً لبعض القياديين.
وفي المقابل، زاد الدعم لحماس من قبل محور المقاومة المدعوم من إيران، لكن هذا المحور تعرض لخسائر أيضًا نتيجة الحرب. كما كسبت الحركة دعماً من دول مثل تركيا وروسيا، وإلى حد ما من الصين، مما جعلها جزءًا من الاستقطاب الإقليمي الحاد.
شعبية حماس وتأثير الهجوم
في الأيام الأولى بعد 7 أكتوبر 2023، ارتفعت شعبية حماس بشكل ملحوظ في قطاع غزة والضفة الغربية، حيث لاقى الهجوم المباغت إعجاب الكثيرين. لكن مع استمرار الهجمات الإسرائيلية وتزايد الخسائر في الأرواح والممتلكات، تراجع الدعم الشعبي للحركة، خصوصًا في قطاع غزة، حيث بدأ السكان يحملونها المسؤولية عن ما جرى.
رغم هذا التراجع، ما زالت حماس ترى نفسها جزءًا من مستقبل غزة والقضية الفلسطينية، وتؤكد أنها قادرة على البقاء سياسيًا وعسكريًا، رغم التحديات التي تواجهها.
خسائر القيادة والبنية التحتية
خلال العام الماضي، فقدت حماس عدداً من أبرز قياداتها السياسية والعسكرية. ومن بين القيادات البارزة التي اغتالتها إسرائيل كان إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، ونائبه صالح العاروري. كما اغتيل محمد الضيف، قائد كتائب القسام، إلى جانب قيادات أخرى مثل مروان عيسى ورافع سلامة.
كما تعرضت البنية التحتية لحماس لضربات كبيرة، بما في ذلك تدمير شبكة الأنفاق التي كانت تستخدمها الحركة لأغراض عسكرية واستراتيجية. وتعتبر الأنفاق أحد أهم الأسلحة الاستراتيجية التي فقدتها حماس، حيث كانت تستخدم للتحكم والسيطرة وحماية القيادات وتنفيذ الهجمات.
الترسانة العسكرية والتأثير المالي
فقدت حماس جزءاً كبيراً من ترسانتها الصاروخية بعد الضربات الإسرائيلية التي استهدفت أماكن تخزينها ومنصات إطلاقها. وتقدّر مصادر ميدانية أن الحركة كانت تمتلك ما يزيد عن 60 ألف صاروخ قبل الحرب، لكنها فقدت الكثير منها.
من الناحية المالية، تكبدت حماس خسائر فادحة بعد استهداف مصادر تمويلها، بما في ذلك البنوك والمرافق التي كانت توفر لها دخلًا ثابتًا. كما فقدت الحركة العديد من مواردها المالية نتيجة الضربات الإسرائيلية، مما أثر على قدرتها في دفع رواتب عناصرها وموظفيها.
مستقبل حماس
رغم الخسائر الكبيرة، ما زالت حماس تحتفظ بعشرات الإسرائيليين كأسرى، مما يعطيها أوراق ضغط في المفاوضات. ويرى مراقبون أنه إذا تم التوصل لاتفاق تهدئة، فقد تكون الحركة قادرة على إعادة بناء نفسها مجددًا، خاصة مع وجود قيادات بارزة لم تتأثر بالضربات الإسرائيلية.
وفي نهاية المطاف، يبقى تحديد مصير حماس مرهونًا بما ستؤول إليه الأمور بعد انتهاء الحرب، وما إذا كانت الحركة قادرة على النهوض من جديد، أم أن الظروف ستجعلها غير قادرة على استعادة نفوذها السابق.