تحقيق أوروبي يكشف: روسيا تجند “عملاء مؤقتين” لتنفيذ مهام تخريبية ودعائية في أوروبا

الصراع الروسي الأوروبي.

دال ميديا: كشفت تحقيقات استقصائية أجرتها شبكة صحفيين أوروبية عن أن جهات موالية لروسيا تقوم بتجنيد أفراد في أوروبا لأداء مهام دعائية وتخريبية مقابل مبالغ مالية زهيدة عبر تطبيق تيليغرام، في نمط يُعرف باسم “الوكلاء المؤقتين” أو “وكلاء الاستخدام لمرة واحدة”، بحسب وصف جهاز الأمن السويدي “سابو” (Säpo).

التحقيق، الذي نُفذ بالتعاون بين عدة مؤسسات إعلامية أوروبية من بينها SVT السويدية، VRT البلجيكية، وLRT الليتوانية، كشف عن شبكات منظمة تعمل في الظل لتجنيد الأفراد لأداء مهام تتراوح بين لصق ملصقات دعائية إلى هجمات إلكترونية واختراق منشآت حيوية.

مهمة أولى: ملصقات مقابل 50 دولارًا

بدأ الأمر بصورة بسيطة: 50 دولارًا بالعملات الرقمية مقابل لصق ملصقات دعائية مناهضة لحلف الناتو في شوارع بروكسل. هكذا وردت أولى التعليمات إلى صحفي بلجيكي يعمل لصالح قناة VRT NWS، بعد أن نجح في التسلل إلى مجموعة محادثة موالية لروسيا على تيليغرام.

وصلت إليه مغلف يحتوي على ملصقات دعائية يجب لصقها في الحي الأوروبي بالعاصمة البلجيكية. وفي الوقت الذي لاحظ فيه أن تلك الملصقات منتشرة بالفعل في أماكن متعددة، امتنع عن تنفيذ المهمة حفاظًا على غطاءه كصحفي استقصائي.

من الدعاية إلى التخريب: استهداف منشآت حيوية

مع مرور الوقت، سُمح للصحفي بالدخول إلى قنوات مغلقة داخل المجموعة، حيث تُنسق مهام أكثر خطورة، من بينها طلب مساعدة في تنفيذ هجوم إلكتروني على محطة لتنقية المياه في ليتوانيا. تم إرسال مقطع فيديو يشرح كيفية تنفيذ الهجوم، وأكدت السلطات لاحقًا وقوع محاولة فعلية لاختراق المحطة.

وقال توماس نيلسون، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السويدية (MUST):
“نعلم أن روسيا وأطرافًا معادية أخرى تنشط لتجنيد أفراد يستطيعون تنفيذ مثل هذه الأعمال التخريبية.”

سابو: هؤلاء عملاء مؤقتون

بدوره أكد فريدريك هالستروم، المسؤول العملياتي في جهاز الأمن السويدي (Säpo)، أن الجهاز يراقب هذا النوع من التجنيد بعناية، قائلاً:
“نطلق عليهم اسم ‘الوكلاء المؤقتين’، أي أشخاص يُستخدمون لتنفيذ مهام معينة ثم يتم التخلي عنهم، وهو أمر يشكل مصدر قلق متزايد لدينا.”

تجسس على الصحفيين ومؤيدين لأوكرانيا

التحقيق كشف أيضًا عن محاولات لرصد ومتابعة صحفيين ومستخدمين مؤيدين لأوكرانيا على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل منصة VK الروسية. ومن بين المهام التي تم تداولها داخل المجموعة، كان جمع 30 عنوان بريد إلكتروني لصحفيين بلجيكيين.

كما خضع الصحفي المتخفي لما يُشبه مقابلة “توظيف” تم خلالها طرح أسئلة حول موقفه من روسيا.

حوادث تخريب أخرى في أوروبا

التحقيق أشار إلى حالات أخرى أكثر تطرفًا في بلدان أوروبية مختلفة، من بينها محاولة إحراق مصنع للدهانات في بولندا مقابل 4,000 دولار، والتي أحبطت في اللحظة الأخيرة، بالإضافة إلى دفع أموال لأشخاص في ألمانيا لتخريب سيارات عبر سدّ أنظمة العادم باستخدام رغوة البناء.

وقالت الاستخبارات البلجيكية في تقريرها السنوي:
“المهام تتراوح بين جمع المعلومات ونشر الدعاية إلى تنفيذ عمليات تجسس عسكرية وتخريب فعلي.”

تحقيق جماعي واسع النطاق

جاء هذا التحقيق ضمن مشروع استقصائي مشترك شارك فيه صحفيون من السويد، بلجيكا، ليتوانيا، فنلندا، إستونيا، لاتفيا، هولندا، التشيك، وإسبانيا، تحت مظلة الشبكة الأوروبية للصحافة الاستقصائية (EBU Investigative Journalist Network).

المزيد من المواضيع