تركيا تهتز بسبب قضية وفاة الأطفال: مطالبات بالتحقيق وأحكام سجن تصل إلى 583 عامًا

وفاة أطفال حديثي الولادة في تركيا. الصورة من الإعلام التركي.

تعيش تركيا على وقع فضيحة هزت أركان نظامها الصحي وأثارت موجة من الغضب العارم في الشارع. تقدمت مئات العائلات بطلبات رسمية لفتح تحقيقات في وفاة أطفالهم وأقاربهم، بعد توجيه اتهامات خطيرة بالقتل الخطأ والإهمال الطبي ضد 47 شخصًا من الأطباء والممرضات وسائقي الإسعاف، بحسب ما نقلته وكالة أسوشيتد برس.

مأساة أم تروي القصة

من بين الأمهات المفجوعات، تحكي بوركو غوك دنيز عن فقدانها المؤلم لطفلها الذي وُلد قبل موعده بشهر ونصف. رغم أن الطفل بدا بصحة جيدة عند الولادة، أخذته الطواقم الطبية إلى وحدة العناية المركزة، ليصبح ذلك آخر مشهد تراه فيه حيًا. “كان ذلك أسوأ لحظة في حياتي”، تروي بوركو بحرقة لوكالة أسوشيتد برس، مشيرة إلى اللحظة التي أُخبرت فيها بأن قلب طفلها قد توقف بشكل مفاجئ.

مطالب بالعدالة وتحقيقات واسعة النطاق

القضية أثارت قلقًا واسعًا بعد أن كشف الادعاء أن الأطفال حديثي الولادة قد أُرسلوا إلى مستشفيات خاصة ذات تجهيزات متواضعة وعدد محدود من الموظفين، حيث خضعوا لعلاجات طويلة وغير ضرورية، بهدف تحقيق أرباح مالية على حساب صحة المرضى. من بين التهم الموجهة للطبيب المسؤول، الذي يواجه حكمًا بالسجن قد يصل إلى 583 عامًا، إنشاء منظمة إجرامية تهدف إلى ارتكاب جرائم، الاحتيال على المؤسسات العامة، وتزوير الوثائق الرسمية.

تفاصيل صادمة عن التلاعب والمعاناة

بحسب التحقيقات، كشفت شهادات بعض الممرضين أن الأطفال أُرسلوا إلى وحدات العناية في مستشفيات كانت تعاني من نقص في الأدوية والأجهزة الحديثة. علاوة على ذلك، تبين أن السجلات الطبية كانت تُزوَّر، وأن التقارير التي أُعطيت للأهل كانت تحتوي على معلومات خاطئة لتمديد فترة بقاء الأطفال في المستشفى وجني المزيد من الأموال من نظام التأمين الصحي.

موجة غضب واحتجاجات شعبية

أثار الكشف عن هذه الفضيحة غضب الشارع التركي، حيث تجمعت الحشود أمام المستشفيات المعنية وألقى المتظاهرون الحجارة تعبيرًا عن غضبهم وسخطهم. فقد العديد من الأهالي ثقتهم في النظام الصحي، وارتفعت الأصوات المطالبة بالإصلاح والمساءلة.

الرئيس أردوغان يتعهد بالقصاص

في مواجهة الضغوط المتزايدة، خرج الرئيس رجب طيب أردوغان في مؤتمر صحفي ليؤكد أن المسؤولين عن هذه الجرائم لن يفلتوا من العقاب. “لن نسمح بأن يُدمر نظامنا الصحي بسبب حفنة من الأشخاص الفاسدين. هناك مجموعة من الناس تفتقر إلى الإنسانية”، قال أردوغان، مشددًا على التزام الحكومة بتحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين في هذه الانتهاكات المروعة.

تداعيات على النظام الصحي

تأتي هذه الأزمة في وقت تتزايد فيه الانتقادات حول نظام الرعاية الصحية في تركيا، الذي يضم مستشفيات حكومية وخاصة تعمل بالتوازي. في حين أن الحكومة تدافع عن توسيع نطاق الرعاية الصحية الخاصة، كشفت هذه الفضيحة عن الثغرات التي قد تنشأ عند إعطاء الأولوية للربح على حساب جودة الرعاية.

المزيد من المواضيع