في أحد أكثر الهجمات الإرهابية غموضًا في التاريخ الأوروبي، انفجرت طائرة JAT 367 التابعة للخطوط الجوية اليوغوسلافية في الجو بتاريخ 26 يناير 1972، أثناء رحلتها من كوبنهاغن إلى زغرب. الحادثة أودت بحياة 27 شخصًا كانوا على متن الطائرة، وكان الناجي الوحيد هو المضيفة الجوية فيسنا فولوفيتش، التي نجت بأعجوبة بعد أن سقطت من ارتفاع 10,000 متر وهي لا تزال في داخل جسم الطائرة المحطم.
الطائرة، وهي من طراز DC-9، انفجرت فوق تشيكوسلوفاكيا، وتبين لاحقًا أن الانفجار نجم عن قنبلة وضعت في حقيبة في قسم الشحن. وجهت أصابع الاتهام إلى مجموعة قومية كرواتية تُدعى أوتبور، التي كانت تقود حركة المقاومة ضد النظام اليوغوسلافي في ذلك الوقت.
تفاصيل الهجوم والمشتبه بهم
على الرغم من مرور أكثر من 50 عامًا على هذا الهجوم الإرهابي الذي هز أوروبا، كشفت الوثائق السرية التي كانت مخفية لسنوات طويلة عن تورط مجموعة من القوميين الكروات الذين كانوا يعيشون في السويد في التخطيط والتنفيذ لهذا الهجوم. وبفضل التحقيق الذي أجرته برنامج كالا فاكتا، تم تتبع ثلاثة من المتهمين الرئيسيين الذين لا يزالون على قيد الحياة ويعيشون في السويد.
أحد هؤلاء المتهمين، الذي اعترف بقيادته لفرع أوتبور في السويد، عاش حياة مزدوجة في السبعينيات، حيث كان يقود الحركة القومية الكرواتية من جهة ويعيش حياة طبيعية مع أسرته ويعمل في مدينة سويدية. في مقابلة مع كالا فاكتا، أقر بأن بعض أعضاء أوتبور ربما كانوا متورطين في الهجوم، لكنه رفض التحدث عن التفاصيل قائلاً: “هذه ليست أمورًا تُناقش”.
الشهادة المفاجئة والمكالمة الغامضة
أحد أكثر الجوانب الغامضة في هذه القضية هو المكالمة الهاتفية التي أجراها شخص مجهول مع صحيفة Kvällsposten في مالمو بعد يوم من التفجير، ليعلن مسؤولية مجموعة كرواتية عن الهجوم. هذه المكالمة أصبحت الدليل الوحيد الذي ربط المجموعة بالقضية، وظلت على مدى عقود نقطة محورية في التحقيقات.
في مقابلة مع كالا فاكتا، كشف أحد المتهمين الرئيسيين أنه هو الشخص الذي أجرى تلك المكالمة الشهيرة من كابينة هاتف في مالمو. رغم اعترافه بإجراء المكالمة، نفى تورطه المباشر في الهجوم، قائلاً: “أجريت المكالمة بهدف الإضرار بالسياحة اليوغوسلافية، لكنني لم أكن أعلم من نفذ التفجير”.
التمويل المشبوه والتفجير المدمر
الشخص الثالث الذي تم تتبعه من قبل البرنامج كان مسؤولًا عن جمع الأموال لتمويل عمليات أوتبور الإرهابية. ووفقًا لوثائق الأمن السويدي، فقد قام هذا الشخص بجمع الأموال خلال رحلة إلى أستراليا، وقد تم استخدام تلك الأموال في عدة عمليات، منها الهجوم على طائرة JAT 367. ورغم اعترافه بجمع الأموال لصالح المجموعة، إلا أنه نفى معرفته بتفاصيل الهجوم، قائلاً: “لا أعرف شيئًا عن التفجير، ولا حتى متى حدث”.
الناجية الوحيدة: قصة فيسنا فولوفيتش
من بين جميع الضحايا الذين كانوا على متن الطائرة، نجت فيسنا فولوفيتش بأعجوبة من الحادث. كانت فيسنا تعمل مضيفة جوية على متن الرحلة، ونجت بعد أن سقطت من ارتفاع 10,000 متر عندما انفجرت الطائرة في الجو. تم العثور عليها في موقع الحطام، وقد نجت بأعجوبة من إصابات خطيرة في العمود الفقري والجمجمة. أصبحت قصتها أسطورية في عالم الطيران وتم إدخالها في كتاب غينيس للأرقام القياسية كأطول سقوط ناجٍ من حادث جوي.
50 عامًا من الغموض والتحقيقات
رغم مرور نصف قرن على هذا الهجوم، يبقى الغموض يلف العديد من جوانب القضية. الوثائق التي رفعت عنها السرية حديثًا تشير إلى تورط شخصيات بارزة في أوتبور، والاعترافات التي تم الحصول عليها من قبل برنامج كالا فاكتا تفتح أبوابًا جديدة للتحقيق في الهجوم الإرهابي.
عندما حاول البرنامج الحصول على إجابات إضافية من الرجل الذي قاد الفرع السويدي لـ أوتبور، كانت إجابته مختصرة: “اتركوا الماضي وشأنه، ما كان قد انتهى. لقد حصلنا على كرواتيا، ولا توجد معركة بعد الآن”.
تستمر هذه القضية في إثارة الفضول والتحقيقات، ومع كل كشف جديد، يتضح مدى تعقيد وتورط هذه الشبكة الإرهابية في واحدة من أكثر الهجمات إثارة في تاريخ أوروبا.
المصدر: tv4