ستوكهولم: شهد العالم خلال السنوات الأخيرة موجة متسارعة من التراجع في حقوق النساء، ما يهدد مكتسبات نضال دام عقودًا لتحقيق المساواة. من القيود على حق الإجهاض في الغرب إلى القمع الصارخ في دول الشرق الأوسط وآسيا، تبدو حرية النساء معرضة للخطر أكثر من أي وقت مضى.
قبل بضع سنوات فقط، كانت هناك بوادر أمل. ازداد عدد النساء اللاتي يلتحقن بالجامعات ويتولين مناصب قيادية، حتى في دول طالما عُرفت بانعدام المساواة مثل أفغانستان وباكستان. لكن خلال السنوات الأخيرة، تراجعت تلك المكاسب، وتحولت الإنجازات إلى ذكريات أمام تصاعد القيود والتهديدات.
أمثلة صارخة على التراجع
الولايات المتحدة وبولندا
في الغرب، تسببت القيود الصارمة على حق الإجهاض في الولايات المتحدة في إثارة جدل عالمي. في بولندا، لم تكن الصورة مختلفة، حيث شُددت القوانين إلى حد يعرض حياة النساء للخطر ويقيّد حرياتهن الأساسية.
إيران وليبيا
في إيران، لم يقتصر القمع على إسكات الاحتجاجات النسائية، بل امتد إلى إنشاء مراكز “إعادة تأهيل” للنساء اللواتي يرفضن ارتداء الحجاب الإجباري، وهو إجراء يصفه البعض بأنه محاولة لكسر إرادة المرأة. أما في ليبيا، فالتوجه نحو فرض شرطة أخلاقية وإلزام الفتيات بالحجاب من سن التاسعة يشير إلى محاولة استعادة نمط حكم استبدادي يتجاهل أبسط حقوق الإنسان.
أفغانستان والعراق
تُعد أفغانستان مثالًا صارخًا للتراجع، حيث فرضت طالبان نظامًا أبويًا صارمًا يمنع النساء من العمل والتعليم، ويحدّ من حركتهن بشكل شبه كامل. وفي العراق، تزداد المخاوف مع محاولة تشريع زواج القاصرات، وسط احتجاجات ضعيفة بالكاد تُسمع.
القمع والعنف كأداة سياسية
إلى جانب القيود القانونية، يُستخدم العنف ضد النساء كأداة حرب في النزاعات. في سوريا وأوكرانيا وأماكن أخرى، تُستغل أجساد النساء لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية، مما يزيد من تعقيد الأزمة.
حركات نسوية تتحدى التيار
رغم الأوضاع القاتمة، تبرز حركات نسوية عالمية تحاول مواجهة هذا التراجع. من بين هذه الحركات، حركة 4B التي نشأت في كوريا الجنوبية وتدعو النساء إلى رفض الزواج أو إنجاب الأطفال كاحتجاج على النظام الأبوي. تنتشر هذه الحركة حاليًا إلى دول أخرى مثل الولايات المتحدة، حيث تسعى لتسليط الضوء على معاناة النساء وإجبار المجتمع على التغيير.
هل من حلول؟
التصريحات الرسمية والإدانات الدولية غالبًا ما تظل بلا تأثير يُذكر. لتحقيق تغيير فعلي، يحتاج العالم إلى إرادة سياسية قوية. يتطلب ذلك وجود قادة، رجالًا ونساءً، يجعلون قضية المساواة بين الجنسين أولوية في سياساتهم.
إذا لم يتم اتخاذ خطوات جادة، فإن التراجع سيستمر، وستمتد قائمة الدول التي تقيد حقوق النساء، مما يجعل المساواة حلمًا بعيد المنال.
إن ما تواجهه النساء حول العالم ليس مجرد انتكاسات قانونية أو اجتماعية، بل تهديدًا حقيقيًا لإنسانيتهن وكرامتهن. الأمل لا يزال موجودًا، لكنه يعتمد على وعي عالمي ونضال مشترك لإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح.
بقلم: تيريز كريستيانسون، TV4