تشهد مناطق إقليم كردستان العراق حاليًا انتخابات برلمانية شديدة التنافس، من المتوقع أن تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل مستقبل المشهد السياسي في الإقليم. تم تحديد موعد الانتخابات في 20 أكتوبر 2024 بعد تأجيل دام حوالي عامين نتيجة خلافات سياسية داخلية وتوترات مع بغداد. هذه الانتخابات، التي يشارك فيها أكثر من 1,190 مرشحًا يمثلون 13 حزبًا وتحالفين، ستكون اختبارًا للقوى السياسية التقليدية وكذلك للأحزاب الناشئة والجديدة.
الوضع السياسي الحالي في كردستان
إقليم كردستان العراق، الذي يتمتع بحكم ذاتي موسع في إطار الدولة العراقية، يشهد منذ سنوات توترات داخلية بين القوى السياسية الرئيسية. أبرز هذه القوى هما الحزب الديمقراطي الكردستاني (KDP)، الذي يسيطر بشكل كبير على محافظتي أربيل ودهوك، والاتحاد الوطني الكردستاني (PUK) الذي يتركز نفوذه في السليمانية وحلبجة. هذه التوترات الداخلية تعززت بسبب الاختلافات السياسية والمصالح المتضاربة، بما في ذلك قضايا الموارد الطبيعية مثل النفط، وكذلك السياسات الخارجية، وطرق التعامل مع الحكومة المركزية في بغداد.
التأثير الإقليمي والدولي
إلى جانب التوترات المحلية، يتأثر الإقليم بتداعيات إقليمية ودولية. كان للتدخل الإيراني والتركي تأثير واضح على استقرار المنطقة، حيث تنفذ تركيا عمليات عسكرية مستمرة ضد مواقع حزب العمال الكردستاني (PKK) في الجبال الشمالية من الإقليم. كما أن إيران تُبقي عينها على الأوضاع الداخلية بسبب العلاقات بين الاتحاد الوطني الكردستاني وإيران. هذه التدخلات تُعقد الوضع الأمني والسياسي وتضع قيودًا على قدرة الأحزاب المحلية على التركيز على القضايا الداخلية فقط.
التحالفات والانتخابات القادمة
على الرغم من تلك التوترات، تسعى الأحزاب السياسية إلى حصد أكبر عدد من المقاعد في البرلمان الكردي، الذي يضم 100 مقعد، منها خمسة مخصصة للأقليات مثل المسيحيين والتركمان. من بين هذه الأحزاب الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يمتلك قاعدة شعبية كبيرة، بينما يسعى الاتحاد الوطني الكردستاني إلى استعادة قوته بعد سلسلة من الانقسامات الداخلية التي أثرت على مكانته السياسية في الإقليم.
يضاف إلى هذه الديناميكية المتغيرات الجديدة المتمثلة في الأحزاب الناشئة مثل حركة التغيير (Gorran) وحركة الجيل الجديد، التي تسعى إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي وتقديم خطاب جديد أكثر حداثة، خاصة للشباب الذين يشعرون بالإحباط من النظام التقليدي.
التحديات الرئيسية
من بين التحديات التي تواجه الإقليم خلال هذه الانتخابات:
- التوتر بين الأحزاب: الخلافات العميقة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني قد تؤدي إلى تصعيد جديد في حالة عدم التوافق على تقاسم السلطة بعد الانتخابات.
- الاقتصاد: يعاني الإقليم من مشاكل اقتصادية تتعلق بتوزيع العائدات النفطية من بغداد، إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة، مما يجعل الاقتصاد قضية رئيسية في الحملات الانتخابية.
- التدخلات الخارجية: العمليات العسكرية التركية، بالإضافة إلى النفوذ الإيراني، يمكن أن يؤثرا على استقرار المنطقة خلال فترة الانتخابات.
النتائج المحتملة
يتوقع المحللون السياسيون أن تكون هذه الانتخابات نقطة تحول في الإقليم. إذا تمكنت الأحزاب الناشئة من كسب دعم الناخبين، فقد نرى إعادة تشكيل للمشهد السياسي في كردستان. من ناحية أخرى، إذا حافظت الأحزاب التقليدية على مواقعها، قد يستمر الوضع على ما هو عليه مع استمرار التوترات بين القوى الرئيسية.
تُعتبر الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان العراق محطة مهمة في تاريخ الإقليم، مع تزايد التوترات السياسية والتحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهه. ستُحدد هذه الانتخابات مستقبل التوازنات السياسية بين الأحزاب الكبرى وستكون لها تأثيرات بعيدة المدى على العلاقة مع الحكومة المركزية في بغداد، وكذلك على دور الإقليم على الساحة الإقليمية.