تحتل السويد المرتبة الخامسة بين 22 دولة أوروبية من حيث صعوبة حصول المهاجرين ذوي التعليم العالي على وظائف مناسبة لمؤهلاتهم، وفقًا لتقرير جديد يكشف عن تحديات تواجه الكفاءات الأجنبية في سوق العمل السويدي. يشير التقرير إلى أن السويد تفرض متطلبات لغوية صارمة مقارنة ببعض الدول الأخرى، مما يعيق فرص المهاجرين في دخول سوق العمل، خاصة أولئك القادمين من دول “الجنوب العالمي”.
“إهدار العقول” بين المهاجرين: تمييز بين الشمال والجنوب
يواجه المهاجرون من “الجنوب العالمي” – وهي منطقة تشمل أفريقيا، آسيا، وأمريكا اللاتينية – خطرًا أكبر بثلاث مرات من عدم الاستفادة من مؤهلاتهم الأكاديمية مقارنة بنظرائهم من “الشمال العالمي”، والذي يضم أوروبا وأمريكا الشمالية. المفوضية الأوروبية وصفت هذه الظاهرة بـ “إهدار العقول”، مشيرة إلى أن العديد من الكفاءات يتم تجاهلها بسبب العوائق اللغوية والتحيزات تجاه التعليم من خارج الغرب.
تجارب واقعية: اللغة عائق أمام التوظيف
تظهر الدراسة أن إتقان اللغة السويدية يلعب دورًا حاسمًا في الحصول على وظيفة، وهو ما عانته كاتالينا مارتينيز أسينسيو، مهاجرة من كولومبيا تحمل درجة الماجستير في الصحة العامة من جامعة لوند. على الرغم من مؤهلاتها العالية، كافحت مارتينيز لسنوات للعثور على عمل في السويد، مشيرة إلى أن برامج تعليم اللغة السويدية للأجانب (SFI) لم تمنحها المهارات اللغوية الكافية لتلبية متطلبات سوق العمل السويدي. تعتقد مارتينيز أن هذه البرامج تشبه “اليانصيب” في فعاليتها، مما دفعها في نهاية المطاف إلى الانتقال إلى هولندا، حيث كانت فرص العمل أكثر وفرة.
دعوة لتغيير النهج: مسؤولية مشتركة بين الحكومة وأرباب العمل
وزير العمل والاندماج السويدي، يوهان بيرشون، أقر بأن متطلبات اللغة تعتبر أحد أكبر العوائق أمام توظيف المهاجرين ذوي التعليم العالي من الجنوب العالمي. وأكد على أهمية تجاوز الحواجز اللغوية من خلال تشجيع أرباب العمل على توظيف الأفراد الذين لم يتقنوا اللغة السويدية بعد بشكل كامل. كما أشار إلى أن التمييز والعنصرية في سوق العمل السويدي كانا من التحديات المستمرة.
الحكومة السويدية تعمل حاليًا على تحسين برامج تعليم اللغة وتوحيدها في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى خلق فرص تتيح الجمع بين العمل والدراسة لتحسين اندماج المهاجرين في سوق العمل.
هذه التفاصيل التي يكشف عنها التقرير تسلط الضوء على التحديات الكبيرة التي يواجهها المهاجرون ذوو التعليم العالي في السويد، وتدعو إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات والبرامج الحالية لضمان استغلال الكفاءات بشكل أفضل، وتجاوز التمييز القائم على الخلفية الجغرافية.