مطاردة الساحرات في السويد: عندما استخدمت الكنيسة الأطفال للكشف عن النساء المتهمات بالسحر

varldenshistoria
varldenshistoria

في القرن السابع عشر، عاش المجتمع السويدي إحدى أحلك فتراته، عندما ارتبطت الكنيسة بدور بارز في مطاردة الساحرات، وهي فترة تميزت بالخوف والجهل والاتهامات الباطلة التي طالت العديد من النساء. خلال هذه الحقبة، سادت معتقدات شعبية بأن بعض النساء كنّ متورطات في أعمال سحرية شريرة ويتعاونّ مع الشيطان. هذه الفترة المضطربة شهدت العديد من المحاكمات العشوائية، وكانت أبرزها تلك التي تعتمد على شهادات الأطفال في تحديد مصير النساء المتهمات، بحسب مصادر تاريخية سويدية.

دور الكنيسة وشهادات الأطفال

في محاولاتها للقضاء على السحر والشعوذة، كانت الكنيسة السويدية تلعب دوراً محورياً في هذه الملاحقات، حيث أقنعت الناس بأن الخطر يكمن في جيرانهم وأحياناً داخل منازلهم. ولإضفاء الشرعية على تحقيقاتها، بدأت الكنيسة تستدعي الأطفال لسؤالهم عن الأنشطة المشبوهة. كان يُعتقد أن الأطفال، بسبب براءتهم، كانوا أقل عرضة للتأثر بالأكاذيب أو الحيل، ولذلك كان يتم الاعتماد على شهاداتهم بشكل كبير.

كان الأطفال يُطلب منهم تقديم شهادات حول الجيران أو الأقارب، وإذا ما كانوا قد رأوا نساء يأخذنهم إلى أماكن سحرية أو ينفذن طقوساً غامضة. وفي كثير من الحالات، كانت هذه الشهادات متأثرة بضغط المجتمع أو خيالات الأطفال، ومع ذلك، كانت تعتبر دليلاً قوياً ضد النساء المشتبه فيهن. أدى هذا إلى وقوع العديد من النساء في قبضة المحاكمات دون أي أدلة فعلية، فقط استناداً إلى قصص الأطفال المتفرقة.

قصة “الكشف الكبير” في توتفتا

إحدى أبرز الحوادث التي شهدتها تلك الحقبة كانت في بلدة توتفتا (Torsåker)، حيث تعرضت 71 امرأة لمحاكمة سريعة بناءً على شهادات الأطفال. الكنيسة قادت هذه المحاكمات بيد من حديد، وأدانت هؤلاء النساء بتهم الشيطانية والسحر. وُصف هذا الحدث بأنه “الكشف الكبير” لأن العديد من النساء تم إعدامهن في يوم واحد، في ما يمكن اعتباره من أكبر حملات الإعدام في تاريخ السويد لمطاردة الساحرات.

الإعدامات وطرق التعذيب

لم تقتصر المحاكمات على مجرد توجيه التهم، بل كانت تستخدم أساليب تعذيب وحشية لاستخراج الاعترافات. كانت النساء تُحرقن أحياناً أو يُغرقن أو يُشنقن علنياً. وكانت الفكرة الأساسية وراء هذه المحاكمات هي “التطهير” من الشرور المزعومة التي كانت، بحسب الكنيسة، تهدد استقرار المجتمع السويدي. وكثيراً ما كانت هذه المحاكمات تترك أثراً نفسياً رهيباً على الأطفال الذين أجبروا على الشهادة ضد أمهاتهم أو جيرانهم.

نهاية الهوس بالسحر وبداية عصر التنوير

بحلول القرن الثامن عشر، ومع بداية عصر التنوير، بدأت هذه الممارسات تنحسر تدريجياً. علماء الدين والفلاسفة بدأوا يشككون في صحة هذه المعتقدات والممارسات، وظهر المزيد من الأصوات التي تطالب بإنهاء مطاردة الساحرات. توقف استخدام شهادات الأطفال كأداة لإدانة النساء، وبدأت الكنيسة نفسها تتراجع عن تأييدها لتلك المحاكمات. ومع مرور الوقت، أدرك المجتمع أن ما حدث كان نتيجة مباشرة للجهل والخوف الذي سيطر على الناس لفترة طويلة.

العبر المستفادة من تلك الفترة

هذه الفترة المظلمة من تاريخ السويد تبرز كواحدة من أقوى الأمثلة على مخاطر الخوف والجهل في تشكيل سياسات قمعية ضد الأبرياء. مطاردة الساحرات لم تكن مجرد ظاهرة سويدية، بل امتدت إلى العديد من البلدان الأوروبية، لكن الممارسات السويدية تميزت بوحشيتها واعتمادها على شهادات غير موثوقة من الأطفال. هذا الحدث التاريخي يظل شاهداً على أهمية التعليم والتوعية في مكافحة الخرافات والخوف غير المبرر.

اليوم، تذكر السويد هذه الفترة كنقطة سوداء في تاريخها، حيث تحتفظ المتاحف والكتب بأرشيفات عن هذه الحوادث لتكون درساً للأجيال القادمة حول مخاطر الانسياق وراء الخوف الجماعي.

المزيد من المواضيع