دال ميديا: بعد خمسة أسابيع من مفاوضات مكثفة، باتت ألمانيا أقرب من أي وقت مضى لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة تجمع بين الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU/CSU) والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD). ووفقًا لما أوردته قناة NTV الألمانية، تم التوصل إلى اتفاق سياسي شامل على أعلى مستوى، على أن يُعلن رسميًا خلال يوم الأربعاء القادم.
اتفاق شامل بعد استبعاد اليمين المتطرف
جاء هذا الاتفاق بعد أن حصل CDU/CSU على النسبة الأعلى من الأصوات في الانتخابات الأخيرة بنسبة 28.6%، لكنه لم يتمكن من تحقيق الأغلبية البرلمانية بمفرده. ومع استبعاد الحزب مسبقًا لأي تحالف مع حزب البديل لألمانيا (AFD) اليميني المتطرف، كان السبيل الوحيد لتشكيل الحكومة هو التفاوض مع الاشتراكيين الديمقراطيين.
ووفقًا لمصادر مطلعة على سير المحادثات، فإن الإعلان الرسمي عن الاتفاق بات مسألة وقت، حيث لم يتبق سوى صياغة بعض التفاصيل الفنية والبنود الدستورية.
أبرز ما تضمنه الاتفاق الحكومي الجديد:
1. تعديل دستوري لتعليق “مكابح الديون”
في خطوة غير مسبوقة، اتفق الطرفان على تعديل الدستور الألماني لتعليق قانون “مكابح الديون”، مما يتيح للدولة الاقتراض بشكل أوسع. هذا التعديل يأتي بهدف إطلاق استثمارات ضخمة لدعم الاقتصاد والبنية التحتية، وذلك عبر صندوق مالي بقيمة 500 مليار يورو يُوزّع على عشر سنوات.
2. زيادة في الإنفاق الدفاعي
مع تصاعد التحديات الجيوسياسية، اتفق الطرفان على تعزيز القدرات الدفاعية لألمانيا، بما في ذلك استثناء النفقات الدفاعية من القيود المالية الحالية، ما سيتيح زيادة الإنفاق الدفاعي بنسبة تتجاوز 1% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك لضمان استقلالية أوروبية أكبر في ظل تغير أولويات السياسة الأمريكية.
3. تشديد سياسات الهجرة واللجوء
توافق الحزبان على تشديد قوانين الهجرة واللجوء، وذلك عبر توسيع قائمة “الدول الآمنة” لتسريع عمليات الترحيل، بالإضافة إلى تعليق لمّ الشمل العائلي لمدة عامين، وزيادة عدد مراكز الاحتجاز المؤقت للمهاجرين غير النظاميين.
4. استثمارات كبيرة في البنية التحتية والطاقة
الاتفاق يتضمن خطة لتحفيز الاقتصاد المحلي عبر مشاريع واسعة النطاق في مجال البنية التحتية، تشمل تحديث الجسور والطرق، وتوسيع شبكات الطاقة الرقمية والمتجددة، بالإضافة إلى خطة دعم التحول نحو الطاقة الخضراء، وإنشاء صندوق تمويلي لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على التكيّف مع التحول البيئي.
5. اختلافات مستمرة حول الضرائب والبيئة
رغم الوصول إلى اتفاق شامل، إلا أن بعض الملفات لا تزال مفتوحة للنقاش، خصوصًا في السياسة الضريبية، حيث يسعى الحزب الاشتراكي إلى فرض ضرائب أعلى على ذوي الدخل المرتفع، في حين يعارض الاتحاد الديمقراطي المسيحي ذلك ويدعو إلى تقليص النفقات العامة بدلًا من زيادة الضرائب. كما لا يزال النقاش جاريًا حول مستقبل الاستثمار في الطاقة النووية وتشديد القوانين البيئية.
ماذا بعد؟
بحسب قناة NTV ومصادر من داخل غرف التفاوض، فإن الإعلان الرسمي للاتفاق متوقع خلال الأربعاء 9 أبريل 2025. ويتوقع أن يتبعه مؤتمر صحفي مشترك بين قيادات الحزبين للإعلان عن برنامج الحكومة الكامل وخريطة طريق تطبيق الاتفاقات المبرمة.