أثار عنوان بارز لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية اهتمامًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث زعمت أن “المواطنين الألمان الجدد يجب أن يعترفوا بحق إسرائيل في الوجود”. فما مدى دقة هذا الادعاء؟
دخل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا حيز التنفيذ يوم الخميس (27 يونيو 2024)، بهدف تسريع عملية التجنيس مع فرض شروط أكثر صرامة. يشمل ذلك الالتزام بالنظام الأساسي الحر والديمقراطي لجمهورية ألمانيا الاتحادية، والمعروف بـ “إعلان الولاء”.
تناولت صحيفة “فايننشال تايمز” هذا الموضوع بتفصيل، حيث نقلت أن القانون الجديد يتطلب من المواطنين الجدد الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود. تم نقل التقرير أيضًا من قبل وسائل إعلام عديدة، بما في ذلك محطة “سي إن إن” الأمريكية، وصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، ووسائل إعلام حكومية صينية.
“مسؤولية ألمانيا التاريخية”
بررت “فايننشال تايمز” ادعاءها بتعديلين في إجراءات التجنيس المستقبلية. الأول هو إدراج موضوعات معاداة السامية وحق دولة إسرائيل في الوجود والحياة اليهودية في ألمانيا ضمن اختبار التجنيس. والثاني هو الالتزام بـ “مسؤولية ألمانيا التاريخية الخاصة عن الحكم النازي الظالم وعواقبه، وخاصة فيما يتعلق بحماية الحياة اليهودية”.
اختبار التجنس، الذي يشمل حوالي 300 سؤال، يركز على تاريخ ألمانيا، والأعراف الاجتماعية، والقانون الأساسي (الدستور الألماني). لا يتضمن الاختبار أسئلة عن الآراء الشخصية أو المواقف السياسية، لكنه يتضمن سؤالًا حول ما يُحظر فعله في ألمانيا فيما يتعلق بإسرائيل، والإجابة الصحيحة هي “الدعوة العلنية لتدمير إسرائيل”.
تطبيق القانون في الولايات
ولاية ساكسونيا-أنهالت هي الولاية الوحيدة التي تشترط على المتقدمين للتجنس فيها الاعتراف بحق دولة إسرائيل في الوجود. أما في بقية الولايات، فإن الالتزام بـ “إعلان الولاء” ذو مصداقية وتبديد أي شكوك فيه هو الشرط الأساسي.
الحق في الطعن
يمكن للمتقدمين المرفوضين رفع دعاوى للطعن بقرارات سلطات التجنيس أمام المحكمة الإدارية المختصة. في هذه الحالات، قد يتعين على السلطات تقديم أدلة تثبت مصداقية “إعلان الولاء”، بما في ذلك أي تعليقات معادية للسامية أو عنصرية أو تمجيد الإرهاب على وسائل التواصل الاجتماعي.
تختلف تفاصيل إجراءات وصياغة “إعلان الولاء” من ولاية إلى أخرى. في ولاية هيسن، مثلاً، تتضمن الورقة الموقعة من المتقدمين شروحات حول النظام الديمقراطي-الحر وأشكال التطرف، مع تحذيرات من عواقب تقديم معلومات كاذبة في “إعلان الولاء”، ما قد يؤدي إلى رفض منح الجنسية أو إلغائها لاحقًا.
بهذه الصياغة الدقيقة، يبدو أن التشكيك في حق إسرائيل في الوجود وحده ليس كافيًا لمنع التجنس، إلا إذا تبين أن هذا التشكيك نابع من موقف معاد للسامية، وهو ما يعود لتقدير الموظف المسؤول عن طلب التجنس.