تشهد السويد استمرار انخفاض التضخم للشهر الرابع على التوالي، حيث أعلنت هيئة الإحصاءات السويدية (SCB) عن بيانات جديدة لمؤشر التضخم السريع “Snabb-KPIF”، الذي يُظهر تراجع التضخم من 1.2% في أغسطس إلى 1.1% في سبتمبر. هذا التراجع يعزز الآمال في إمكانية مواصلة خفض أسعار الفائدة من قبل ريكسبانكن، مع احتمالية اتخاذ قرار بخفض مزدوج خلال اجتماعها المقبل في نوفمبر.
Snabb-KPIF: مؤشر جديد يقدم بيانات مبكرة
تعد هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها هيئة الإحصاءات السويدية مؤشر التضخم السريع “Snabb-KPI”، الذي يقدم لمحة أولية عن مستوى التضخم قبل أسبوع من الإعلان الشهري الرسمي. ويتضمن هذا المؤشر أيضًا مؤشر “KPIF”، الذي يُستثنى منه تأثير التغيرات في أسعار الفائدة على القروض العقارية للأسر، بالإضافة إلى “KPIF-XE” الذي يستبعد أيضًا أسعار الطاقة.
من خلال هذا المؤشر الجديد، تهدف SCB إلى تقديم بيانات سريعة عن التضخم، وذلك تلبية لاحتياجات السوق والاقتصاد، حيث يتيح للشركات والأفراد الاطلاع على التغيرات الاقتصادية بصورة أسرع. وقال جون إلياسون، المسؤول عن مؤشر أسعار المستهلك في SCB، إن الاهتمام بهذا المؤشر يتزايد، خاصة مع التركيز الكبير على مستوى التضخم خلال الفترة الحالية.
وأضاف إلياسون: “هناك طلب قوي على بيانات اقتصادية سريعة وذات جودة عالية، وهذا ما نسعى لتحقيقه من خلال مؤشر Snabb-KPI. كما أن هذا النوع من المؤشرات يتيح للسوق التعرف على الاتجاهات الاقتصادية بشكل مبكر، مما يساعد على اتخاذ قرارات أكثر استنارة”.
توقعات بخفض مزدوج لأسعار الفائدة
أوضح ألكسندر نورين، المعلق الاقتصادي لدى SVT، أن استمرار التضخم دون هدف ريكسبانكن البالغ 2% للشهر الرابع على التوالي يعزز من احتمالات خفض الفائدة خلال الفترة المقبلة. ويعتقد نورين أن هذا التراجع قد يشجع ريكسبانكن على اتخاذ خطوة جريئة تتمثل في خفض مزدوج لأسعار الفائدة، بواقع 0.5 نقطة مئوية، في الاجتماع المقبل المقرر في نوفمبر.
وأضاف نورين: “إذا استمر الاتجاه الحالي، فقد تقرر ريكسبانكن خفض الفائدة بشكل مزدوج، خاصة وأن هذا التراجع يعزز من الاستقرار الاقتصادي ويعطي دفعة للنمو”.
ويعتبر هذا التراجع في معدل التضخم إشارة إيجابية للاقتصاد السويدي، حيث يشير إلى نجاح الجهود الرامية للسيطرة على التضخم ودعم الاستقرار المالي. وفي ظل تراجع الطلب على السلع والخدمات، يمكن أن يؤدي هذا الانخفاض إلى تحسين القدرة الشرائية للمواطنين وتعزيز الثقة في الاقتصاد.
تأثير التضخم على السياسة النقدية في السويد
تشكل بيانات التضخم أحد أهم المؤشرات التي يعتمد عليها البنك المركزي في تحديد سياسته النقدية. ويستخدم ريكسبانكن مؤشر “KPIF” كهدف لقياس التضخم، حيث يُظهر المؤشر نفس اتجاهات مؤشر “KPI” ولكنه يستبعد تأثير التغيرات في أسعار الفائدة. ويعتبر التضخم أقل من 2% أمرًا إيجابيًا، لأنه يشير إلى أن الأسعار ترتفع بوتيرة معقولة وأن الاقتصاد يعمل ضمن نطاق مقبول من الاستقرار.
وقد بدأت السويد في استخدام مؤشر التضخم السريع على غرار دول منطقة اليورو، حيث يتم إصدار بيانات التضخم مبكرًا لتمكين الأسواق من اتخاذ قرارات سريعة. وأوضح جون إلياسون أن هذا التغيير يأتي استجابة للطلب المتزايد على بيانات سريعة ومحدثة.
وتابع إلياسون: “في الدول التي تقدم بيانات مبكرة عن التضخم، عادة ما تكون البيانات الأولية هي الأكثر تأثيرًا على الأسواق، حيث يُنظر إليها على أنها تعكس الاتجاه العام للاقتصاد”.
ما هو مؤشر Snabb-KPIF؟
يعد مؤشر “Snabb-KPIF” أحد المؤشرات الرئيسية التي يقيس من خلالها SCB التضخم، وهو يعتمد على نفس منهجية مؤشر “KPI” التقليدي، لكن دون التأثيرات المباشرة للسياسات النقدية. كما يتضمن المؤشر مقياس “KPIF-XE”، الذي يستبعد أسعار الطاقة من الحسابات، ما يتيح تقديم صورة أكثر دقة للتضخم الحقيقي في الاقتصاد.
وأشار جون إلياسون إلى أن جودة بيانات “Snabb-KPIF” عالية ولا تختلف كثيرًا عن البيانات النهائية، حيث يتوقع أن تختلف بمعدل جزء من مئة في المائة فقط مقارنة بالإعلان الرسمي.
التوجهات الاقتصادية المستقبلية وتأثير التضخم
مع استمرار التضخم في التراجع، تُعد هذه البيانات مؤشرًا على استقرار الاقتصاد السويدي وتعزز من توقعات اتخاذ ريكسبانكن لمزيد من إجراءات التحفيز الاقتصادي، بما في ذلك خفض أسعار الفائدة لدعم النمو الاقتصادي. وقد تساعد هذه السياسة النقدية في تعزيز الإنفاق الاستهلاكي وتحفيز الاستثمار في السويد.
إضافة إلى ذلك، يعد خفض الفائدة أداة هامة لتحفيز الاقتصاد في ظل الظروف الحالية، حيث يواجه العالم تباطؤًا اقتصاديًا بسبب التوترات الجيوسياسية والضغوط التضخمية العالمية. وتساعد الفائدة المنخفضة في جعل القروض أقل تكلفة، مما يعزز من القدرة الشرائية للمواطنين ويسهم في دعم القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وفي النهاية، يبقى التضخم أحد أهم المؤشرات الاقتصادية التي تحدد مسار الاقتصاد والسياسة النقدية في السويد، ويعتبر هذا الانخفاض في معدل التضخم مؤشرًا إيجابيًا يعزز من استقرار الاقتصاد ويفتح الباب أمام ريكسبانكن لاتخاذ خطوات إضافية لدعم الاقتصاد السويدي وتعزيز النمو خلال الأشهر المقبلة.