ستوكهولم – أعلنت الحكومة السويدية نيتها مراجعة شرط فترة التفكير الإلزامية للطلاق، وهو شرط يفرض فترة انتظار تتراوح بين ستة أشهر إلى سنة قبل اكتمال إجراءات الطلاق في حالات محددة. جاء هذا الإعلان من وزير العدل السويدي غونار سترومر ووزيرة المساواة بولينا براندبرغ خلال مؤتمر صحفي، وأكدت تصريحاتهم أن الحكومة تنظر في تعديلات محتملة قد تواكب تغيرات المجتمع الحديث.
ويهدف شرط فترة التفكير، الذي يطبق حالياً إذا كان الزوجان لديهما أطفال دون سن 16 أو إذا طلب الطلاق أحد الزوجين فقط، إلى الحد من قرارات الطلاق السريعة غير المدروسة، خاصةً في الحالات التي تكون الأسرة فيها مؤلفة من أطفال بحاجة إلى بيئة مستقرة.
خلفية القانون الحالي وتأثيره على الأسرة
تم اعتماد شرط فترة التفكير في السويد للحد من حالات الطلاق التي تتم بقرارات سريعة، حيث يسعى القانون إلى منح الزوجين فرصة لإعادة النظر في قرار الطلاق قبل إتمامه نهائياً. تستمر فترة التفكير لمدة ستة أشهر كحد أدنى وقد تصل إلى عام، مما يسمح للأزواج بالتفكير بعمق حول تداعيات الطلاق على الأطفال وحياتهم المستقبلية. وأشارت الحكومة إلى أن الهدف الأساسي من القانون هو حماية الأطفال وتجنب التأثيرات النفسية والاجتماعية عليهم جراء انفصال الوالدين.
دعوات لإصلاح القانون
على الرغم من أهدافه، يواجه شرط فترة التفكير انتقادات متزايدة من قبل بعض الخبراء والمواطنين، حيث يرون أن فترة الانتظار الإلزامية قد تكون عبئاً على الأزواج الذين يواجهون بالفعل صعوبات في العلاقة، مما يطيل من معاناتهم النفسية ويؤخر بداية حياة جديدة بعيداً عن النزاعات الزوجية. وتعتبر بعض الجماعات النسوية والحقوقية أن فترة التفكير قد تكون عائقاً أمام الزوجات اللواتي يعانين من علاقات غير صحية، بما في ذلك حالات العنف الأسري، ويطالبون بإلغاء أو تعديل القانون ليصبح أكثر مرونة.
في هذا السياق، تقول وزيرة المساواة بولينا براندبرغ إن الحكومة تتفهم هذه المخاوف، وتعمل على دراسة الوضع الحالي بشكل متعمق. وتؤكد براندبرغ أن التغييرات المحتملة ستأخذ بعين الاعتبار الحاجة إلى التوازن بين توفير بيئة مستقرة للأطفال وضمان حقوق الأفراد في اتخاذ قرارات شخصية تتعلق بحياتهم.
مراجعة القانون ضمن تغييرات واسعة في سياسات الأسرة
تأتي هذه المراجعة كجزء من خطة أوسع تتبناها الحكومة لمراجعة سياسات الأسرة في السويد، حيث تهدف إلى تحديث القوانين بما يتماشى مع التغيرات الاجتماعية التي يشهدها المجتمع. وفي هذا الصدد، قال وزير العدل غونار سترومر، إن الحكومة ملتزمة بتعزيز السياسات التي تحمي الأسر وتوفر لها الأمان والاستقرار، لكن في الوقت نفسه تضمن حرية الأفراد في اتخاذ القرارات المناسبة لحياتهم دون قيود غير ضرورية.
وأشار سترومر إلى أن الحكومة ستقوم بالاستماع إلى آراء الخبراء والمختصين وجمع البيانات اللازمة قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن تعديل أو إلغاء شرط فترة التفكير.
نقاشات مجتمعية وأصوات متعارضة
أثارت قضية شرط فترة التفكير جدلاً مجتمعياً في السويد، حيث ينقسم الرأي العام بين مؤيدين ومعارضين للإبقاء على الفترة الحالية. فبينما يرى البعض أن فترة التفكير تساهم في تقليل حالات الطلاق وتحمي الأطفال من الآثار السلبية للانفصال، يرى آخرون أنها قد تكون عبئاً على الأزواج الذين يعيشون علاقات صعبة، ويطالبون بالسماح للبالغين بإنهاء الزواج دون تدخل قانوني يفرض عليهم فترة انتظار.
من جهته، قال أحد المحامين المتخصصين في شؤون الأسرة لوسائل إعلام سويدية إن القانون قد يكون مناسباً في بعض الحالات التي قد تتطلب وقتاً للتفكير، لكنه قد يفاقم مشكلات الأزواج في حالات أخرى، مؤكداً أن “فترة التفكير قد تؤدي إلى بقاء الأطفال في بيئات عائلية متوترة لفترة أطول.”
التغييرات المحتملة وتأثيرها على المجتمع السويدي
من المتوقع أن تثير هذه المراجعة القانونية نقاشاً واسعاً في المجتمع السويدي، حيث تعتبر السويد من الدول المتقدمة في مجال حقوق الأفراد وسياسات الأسرة. وتسعى الحكومة إلى الحفاظ على معايير العدالة والإنصاف في معالجة القضايا الأسرية، لا سيما في الحالات التي تؤثر بشكل مباشر على الأطفال.
ويأمل العديد من الأطراف أن يؤدي النقاش الحالي إلى تحسين قانون الطلاق في السويد، ليصبح أكثر مرونة ويعكس احتياجات الأسر الحديثة.
المصدر: sverigesradio