دال ميديا: في مشهد سياسي غير مسبوق منذ اندلاع الحرب السورية قبل أكثر من عقد، يعقد الاتحاد الأوروبي في بروكسل، اليوم الإثنين (17 مارس/آذار 2025)، مؤتمر المانحين التاسع لدعم سوريا، وسط آمال كبيرة بإنعاش جهود إعادة الإعمار، ولكن في ظل مخاوف من عودة العنف الطائفي، وتراجع الدعم الدولي بعد انسحاب الولايات المتحدة من المشهد الإغاثي.
ويُعتبر المؤتمر فرصة استراتيجية للاتحاد الأوروبي لتعزيز دوره القيادي في دعم سوريا ما بعد الأسد، خاصة في ظل التحولات السياسية الأخيرة التي أطاحت بالنظام السابق وأتت بسلطات انتقالية جديدة برئاسة أحمد الشرع.
مشاركة دمشق للمرة الأولى: خطوة مفصلية أم اختبار دبلوماسي؟
لأول مرة منذ سنوات، يحضر ممثل رسمي عن الحكومة السورية، وزير الخارجية أسعد الشيباني، جلسات المؤتمر الذي يعقد بالتوازي مع اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي. خطوة وصفها المراقبون بأنها تحمل رمزية كبيرة ورسالة ضمنية باعتراف أوروبي تدريجي بالسلطة الانتقالية الجديدة في سوريا.
لكن حضور دمشق يتزامن مع تقارير دامية عن أحداث عنف مروعة في الساحل السوري راح ضحيتها أكثر من 1400 مدني – معظمهم من الطائفة العلوية – على يد فصائل إسلامية متشددة تدعم الائتلاف الحاكم، ما يهدد بنسف الثقة الدولية في المسار الانتقالي.
الاتحاد الأوروبي بين التفاؤل الحذر والعقوبات المعلقة
رغم الحماسة الأوروبية لدعم سوريا، أكدت عدة دول أعضاء أن استمرار أعمال العنف قد يعيد ملف العقوبات إلى الواجهة. فرنسا حذّرت صراحة من أي “رفع إضافي للعقوبات إذا لم يُحاسب مرتكبو المجازر الأخيرة”.
مسؤول أوروبي رفيع صرّح: “لدينا نافذة فرصة صغيرة لإنقاذ سوريا من الانهيار الكامل… لكن يجب استغلالها الآن قبل فوات الأوان”.
الولايات المتحدة تنسحب… من يسدّ الفراغ؟
أكبر تحدٍ يواجه المؤتمر هو الغياب الفعلي للدور الأميركي بعد إعلان واشنطن تقليص مساعداتها الإنسانية. ويُعدّ ذلك ضربة قوية للجهود الدولية، لا سيما أن الولايات المتحدة كانت حتى وقت قريب الممول الرئيسي للمساعدات الإنسانية في سوريا.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن أقل من 35% فقط من حجم المساعدات المطلوبة تم تأمينها في العام الماضي. ويأمل منظمو المؤتمر أن تساهم الدول العربية – خاصة الخليجية – في تعويض هذا الانسحاب الأميركي المفاجئ.
مستقبل سوريا: نصف قرن للعودة إلى ما قبل الحرب؟
وفق تقديرات أممية صادمة، فإن سوريا قد تحتاج إلى 50 عامًا على الأقل لاستعادة وضعها الاقتصادي السابق إذا استمر الوضع على الوتيرة الحالية. ومع وجود أكثر من 16.7 مليون سوري بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية، يبدو أن العالم أمام لحظة مصيرية.
لكن يبقى السؤال: هل يكفي هذا المؤتمر لتغيير المعادلة؟ وهل يكفي المال وحده لإعادة بناء وطن تمزّق لعقدين؟