دال ميديا: تشهد تركيا واحدة من أكبر موجات الغضب الشعبي منذ أكثر من عقد، بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، المعارض البارز للرئيس رجب طيب أردوغان. وقد تحولت الاحتجاجات إلى أزمة سياسية واسعة النطاق، ترافقت مع اتهامات متبادلة بين السلطة والمعارضة، وتداعيات تهدد المشهد الديمقراطي والاقتصادي في البلاد.
أردوغان يتهم المعارضة بـ”إحراق الاقتصاد”
وفي خطاب ألقاه أمام نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم، وجّه الرئيس التركي انتقادات لاذعة للمعارضة، متهماً إياها بمحاولة “إغراق الاقتصاد التركي” وإشعال الفتنة في البلاد.
“المعارضة يائسة لدرجة أنها ستلقي بالبلاد والأمة في النار”، قال أردوغان، مؤكداً أن “التخريب الذي يستهدف الاقتصاد التركي سيخضع للمساءلة أمام المحاكم”.
جاءت تصريحاته بعد دعوة حزب الشعب الجمهوري، الذي ينتمي إليه إمام أوغلو، إلى مقاطعة الشركات الداعمة للحكومة، في خطوة أثارت ردود فعل واسعة.
اعتقال سياسي يشعل الشارع
وكانت المحكمة قد أمرت الأحد بحبس إمام أوغلو، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع كأقوى منافسي أردوغان في الانتخابات المقبلة، على خلفية تهم تتعلق بالفساد ودعم تنظيم إرهابي داخل بلدية إسطنبول، إلى جانب 90 مشتبهاً بهم آخرين.
ورغم خطورة التهم، لم تُعلن السلطات حتى الآن عن أي دليل ملموس، ما دفع العديد من المراقبين لاعتبار القضية ذات دوافع سياسية، في وقت تؤكد الحكومة أن “القضاء مستقل ولا يخضع لأي تأثير سياسي”.
“شهود سريّون” وتفتيش دون نتائج
وسائل إعلام تركية نقلت أن التهم الموجهة ضد إمام أوغلو تستند بشكل كبير إلى شهادات شهود سريين، وهي طريقة استخدمت في قضايا سابقة ضد شخصيات معارضة.
من جهته، أعرب رئيس حزب “إيي” المعارض موسافات درويش أوغلو عن استغرابه لغياب الأدلة، قائلاً:
“تم إجراء أكثر من 1300 عملية تفتيش من قِبل عشرات المفتشين، دون أن يتم العثور على شيء”.
استمرار الاحتجاجات والاعتقالات
فيما اختار مجلس بلدية إسطنبول نوري أصلان، نائب إمام أوغلو، ليشغل منصب رئيس البلدية بالوكالة، تستمر الاحتجاجات في مختلف المدن التركية، بما فيها إسطنبول وأنقرة وإزمير.
ورغم تأكيد حزب الشعب الجمهوري أنه لن ينظم مظاهرات حاشدة داخل المجلس، تواصلت احتجاجات الطلاب والمواطنين في الشوارع بشكل سلمي، مطالبين بالإفراج عن إمام أوغلو ووقف “التراجع الديمقراطي”.
وصرّح وزير الداخلية التركي علي يرليكايا أن الشرطة اعتقلت 1,418 شخصًا خلال أسبوع واحد من المظاهرات، من بينهم أكاديميون ونشطاء طلابيون.
مستقبل سياسي غامض
ومن غير المتوقع إجراء انتخابات رئاسية جديدة حتى عام 2028، إلا أن هناك تكهنات متزايدة بأن أردوغان قد يدعو إلى انتخابات مبكرة في محاولة للفوز بولاية جديدة.
إمام أوغلو، الذي حقق فوزًا مدويًا في انتخابات بلدية إسطنبول عام 2019، يُعد منافسًا خطيرًا لأردوغان، وظهر اسمه مؤخرًا في استطلاعات الرأي كمرشح يتمتع بشعبية متزايدة، ما يجعله عنصرًا حاسمًا في أي سباق رئاسي قادم.