شهدت السويد انخفاضاً كبيراً في معدل التضخم، حيث تراجع إلى 1.2%، وهو ما يعد بشرى سارة للكثيرين من المستهلكين والشركات على حد سواء. إلا أن هذا الانخفاض أثار مخاوف جدية لدى بعض خبراء الاقتصاد، الذين حذروا من أن الاستمرار في هذا المستوى المنخفض قد يؤدي إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد في المستقبل.
روبرت بيرجكفيست، كبير الاقتصاديين في بنك SEB، أشار إلى أن هذه الأرقام التي قد تبدو إيجابية الآن، قد تحمل في طياتها تهديداً على المدى البعيد. ويقول بيرجكفيست: “تراجع التضخم بهذا الشكل يعتمد بشكل أساسي على الانخفاض الكبير في أسعار الطاقة، ولكن يجب أن يكون البنك المركزي السويدي حذراً في تعامله مع هذا الوضع، لأن التضخم المنخفض باستمرار قد يقودنا إلى مرحلة من النمو الاقتصادي البطيء والمستدام بشكل غير مرغوب فيه.”
دعوات لخفض أسعار الفائدة
مع إعلان الأرقام الجديدة للتضخم، ارتفعت أصوات تطالب البنك المركزي السويدي (Riksbanken) باتخاذ إجراءات سريعة لخفض أسعار الفائدة في اجتماعهم المقبل في 25 سبتمبر. ويعتقد البعض أن مثل هذه الخطوة قد تعزز من استقرار الاقتصاد على المدى القصير وتساعد في تحفيز النمو.
ومع ذلك، يحذر بيرجكفيست من الإسراع في اتخاذ هذه الخطوة، مشيراً إلى أن الاستجابة الفورية لانخفاض التضخم قد تكون غير محسوبة. ويضيف: “لا نريد العودة إلى الوضع ما قبل الجائحة، عندما كان التضخم أقل من 2% بشكل دائم. من الأفضل أن يبقى التضخم قريباً من هذا المستوى، لأنه يساهم في الحفاظ على استقرار الأسعار وتحقيق نمو اقتصادي متوازن.”
التضخم المنخفض: إيجابيات وسلبيات
من الجانب الإيجابي، انخفاض معدل التضخم يعني زيادة في القوة الشرائية للأفراد. فالأموال التي يحصل عليها المواطنون تصبح أكثر قيمة، ما يعزز من قدرتهم على شراء المزيد من السلع والخدمات. هذا يشكل دعماً كبيراً للاقتصاد الشخصي ويخفف من الأعباء المالية اليومية على الأسر.
إلا أن هناك جانباً سلبياً لهذا الانخفاض في معدلات التضخم. إذا استمر التضخم عند مستويات منخفضة جداً لفترة طويلة، قد يؤدي ذلك إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي بشكل عام. ويشرح بيرجكفيست ذلك قائلاً: “عندما تتراجع التوقعات بشأن التضخم إلى مستويات أقل من الهدف المحدد، يبدأ الاقتصاد في التباطؤ، وتصبح بيئة الاستثمار أقل جاذبية، ما يؤدي إلى نقص في الابتكار والتوظيف. هذه التحذيرات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، حتى لا نجد أنفسنا أمام أزمة اقتصادية جديدة.”
التحديات المقبلة للبنك المركزي
مع استمرار التراجع في التضخم، سيواجه البنك المركزي السويدي ضغوطاً متزايدة لاتخاذ قرارات استراتيجية تهدف إلى الحفاظ على التوازن بين خفض الفائدة وتحقيق استقرار الأسعار. وقد يكون من الضروري أن يتعامل البنك المركزي بحذر لتجنب اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى تفاقم الوضع.
يختتم بيرجكفيست قائلاً: “بينما يبدو التراجع في معدلات التضخم خبراً ساراً في الوقت الحالي، من المهم أن نتذكر أن الاستدامة الاقتصادية تعتمد على تحقيق توازن دقيق. التضخم المنخفض قد يكون إيجابياً على المدى القصير، لكنه إذا استمر لفترة طويلة، قد يتحول إلى عبء على الاقتصاد.”
بالتالي، تبقى التحديات قائمة أمام صناع القرار لضمان أن هذا الانتعاش المؤقت في القوة الشرائية لا يؤدي إلى ركود طويل الأجل في النمو الاقتصادي.
المصدر: tv4