تحولات دراماتيكية في الحد الأدنى للأجور بأوروبا خلال 10 سنوات… من الرابح ومن الخاسر؟

الأجور في دول الاتحاد الأوروبي. Copyright AP/Armando Franca

دال ميديا: شهدت دول شرق وجنوب شرق أوروبا أكبر القفزات في معدلات الحد الأدنى للأجور خلال العقد الممتد من عام 2015 إلى 2025، بحسب تقرير حديث أعدته Euronews Business استنادًا إلى بيانات يوروستات. التقرير يرصد التغيرات التي طرأت على أجور العمال الأدنى دخلًا في أوروبا، ويُظهر أن الفجوة بين دول الاتحاد بدأت تتقلص، رغم استمرار التفاوت.

من 184 يورو إلى 551… بلغاريا تحسّن ولكن تبقى في القاع

اعتبارًا من يناير 2025، يتراوح الحد الأدنى للأجور الشهرية الإجمالية في الاتحاد الأوروبي بين 551 يورو في بلغاريا، وهي الأدنى بين الدول الأعضاء، و2,638 يورو في لوكسمبورغ، وهي الأعلى. أما بين الدول المرشحة للانضمام، فتسجل أوكرانيا أدنى مستوى بـ182 يورو فقط، تليها مولدوفا بـ285 يورو.

وقبل عشر سنوات، كانت الأرقام أقل بكثير؛ ففي يناير 2015، كان الحد الأدنى في بلغاريا يبلغ 184 يورو فقط، بينما كان في لوكسمبورغ 1,923 يورو.

رومانيا الأسرع نموًا ومولدوفا تسجل قفزة غير مسبوقة

من حيث الزيادة النسبية، حققت رومانيا أكبر نمو بين دول الاتحاد الأوروبي، حيث ارتفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 273% خلال العقد، من 218 يورو إلى 814 يورو. أما مولدوفا، فقد شهدت أعلى قفزة بين الدول المرشحة للعضوية بنسبة 438%، من 53 يورو إلى 285 يورو.

في المقابل، جاءت فرنسا في ذيل القائمة من حيث النمو، حيث ارتفع الحد الأدنى للأجور فيها بنسبة متواضعة بلغت 24% فقط خلال الفترة ذاتها.

السويد واستثناء الشمال الأوروبي: لا حد أدنى للأجور ولكن برواتب مرتفعة

على عكس معظم دول الاتحاد الأوروبي، لا يوجد حد أدنى قانوني للأجور في السويد، حيث تعتمد الدولة على اتفاقيات العمل الجماعية بين النقابات وأرباب العمل لتحديد الأجور وفقًا لكل قطاع. ويعتمد النظام السويدي على مستويات رواتب مرتفعة نسبيًا مقارنة بباقي أوروبا، لكن بدون ضمان حد أدنى قانوني كما هو الحال في فرنسا أو ألمانيا.

الوضع في الدول المجاورة للسويد يختلف قليلاً:

  • الدنمارك وفنلندا والنرويج أيضًا لا تعتمد حدًا أدنى قانونيًا، بل تعتمد على اتفاقيات قطاعية تضمن مستويات معيشية مرتفعة.
  • في المقابل، تمتلك أيسلندا نظامًا مشتركًا حيث يتم تحديد الأجور الدنيا عبر عقود عمل موحدة.

يقول خبراء اقتصاديون إن عدم وجود حد أدنى للأجور في السويد لم يكن مشكلة حقيقية حتى الآن، نظرًا لقوة النقابات العمالية، إلا أن بعض المحللين يشيرون إلى أن التفاوت في الرواتب بين القطاعات قد يصبح تحديًا مستقبليًا إذا لم يتم تعديل النظام لمواكبة التغيرات الاقتصادية العالمية.

أوروبا الشرقية تضيق الفجوة مع الغرب

يعكس التقرير أن دول شرق أوروبا نجحت في تسريع نمو الأجور وتقليص الفجوة مع أوروبا الغربية، التي سجلت زيادات أبطأ نظرًا لاقتصاداتها المستقرة وأجورها المرتفعة أصلًا. وبلغ متوسط النمو السنوي للحد الأدنى للأجور في رومانيا 14.1%، بينما فرنسا لم تتجاوز 2.1%.

ورغم أن الفوارق لا تزال قائمة، فإن بعض المؤشرات تُظهر تقدمًا نحو العدالة الاجتماعية. فقد انخفضت نسبة الأجور الأعلى إلى الأدنى في الاتحاد من 10.4 أضعاف عام 2015 إلى 4.8 أضعاف في 2025.

تحسينات في القوة الشرائية وتغيّرات في التصنيف

وفقًا لمعايير القوة الشرائية (PPS)، تراوح الحد الأدنى للأجور المعدل بين 878 يورو في إستونيا و1,992 يورو في ألمانيا في 2025. وسجلت رومانيا تحسنًا لافتًا، حيث قفزت من المرتبة 24 إلى المرتبة 10، كما تقدمت ليتوانيا من المركز 21 إلى 12.

أما مالطا فسجّلت أكبر تراجع، من المركز الثامن إلى السابع عشر، تليها اليونان وإستونيا بانخفاض خمس مراتب لكل منهما.

توجيهات أوروبية لم تُنفذ بعد

ورغم اعتماد توجيه الحد الأدنى للأجور من قبل الاتحاد الأوروبي في أكتوبر 2022، إلا أن غالبية الدول الأعضاء لم تدمج التوجيه في قوانينها الوطنية بعد. ووفقًا لتقارير اتحاد النقابات العمالية الأوروبية (ETUC)، لم تُقدم سوى ست دول فقط تشريعات لتطبيق التوجيه حتى أكتوبر 2024.

وتجدر الإشارة إلى أن دولًا مثل السويد، الدنمارك، النمسا، فنلندا وإيطاليا لا تعتمد حدًا أدنى وطنيًا للأجور، بل تُحدد الأجور من خلال اتفاقيات جماعية.

المزيد من المواضيع