ترامب يشعل الفوضى العالمية: حروب تجارية، تهديدات دبلوماسية، ومخاوف من نظام عالمي جديد

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

دال ميديا: منذ إعادة انتخابه، لم يتوقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إثارة الجدل، بل باتت قراراته تعصف بعلاقات واشنطن مع حلفائها قبل خصومها، وسط مخاوف متزايدة من انهيار النظام العالمي الذي استمر لعقود بعد الحرب العالمية الثانية. بين تهديدات تجارية، قرارات مثيرة، وصراعات دبلوماسية مع قادة العالم، يبدو أن ترامب يسعى لإعادة تشكيل الخارطة السياسية والاقتصادية بطريقة غير مسبوقة.


غضب عالمي.. من السعودية إلى الدنمارك

مع استمرار نهجه المتشدد، أثار ترامب موجة غضب عالمية امتدت من الخليج إلى أوروبا وأمريكا اللاتينية. فقد أعلنت المملكة العربية السعودية رفضها القاطع لخطة ترامب المثيرة للجدل بشأن قطاع غزة، التي تتضمن “تحويله إلى ريفييرا الشرق الأوسط” بعد طرد سكانه. أما في الدنمارك، فقد تسببت تصريحات ترامب حول “إمكانية الاستيلاء على غرينلاند” في أزمة دبلوماسية غير مسبوقة، حيث سارعت كوبنهاغن للتأكيد على سيادتها الكاملة على الجزيرة ورفض أي حديث عن بيعها.

وفي أمريكا الجنوبية، أجبرت الضغوط الأمريكية كولومبيا على التراجع عن قرارها بشأن استقبال طائرات الترحيل الأمريكية، بعد أن هدد ترامب بفرض رسوم ضخمة على صادراتها. بينما تستعد كل من المكسيك وكندا لمعركة تجارية جديدة مع الولايات المتحدة، في ظل سياسة ترامب الحمائية.


فوضى في البيت الأبيض.. العالم يتخبط في قرارات غير متوقعة

يبدو أن استراتيجية ترامب تقوم على “إغراق المنطقة” بالقرارات السريعة والمفاجئة، لدرجة أن السياسيين والمراقبين باتوا يجدون صعوبة في مواكبة تصريحاته المتقلبة. قرارات مثل فرض رسوم بنسبة 10% على الواردات الصينية، الانسحاب المفاجئ من منظمة الصحة العالمية، وتهديد الناتو بوقف الدعم الأمريكي، جميعها فجرت أزمات دولية دفعت العديد من القادة إلى إعادة تقييم تحالفاتهم مع الولايات المتحدة.

رئيس وزراء أستراليا، أنطوني ألبانزي، عبّر عن هذه الحيرة عندما قال: “لن أعلق يوميًا على تصريحات ترامب، لأن الأمر أصبح غير منطقي.” في حين وصف دبلوماسي ألماني الوضع قائلاً: “السقف يحترق، ولا أحد يعرف كيف يمكن إخماد النيران.”


تهديد الناتو وإلغاء المساعدات الإنسانية

لم يتوقف ترامب عند حد التصعيد الاقتصادي، بل ذهب إلى التشكيك في التزامات الولايات المتحدة العسكرية، مهددًا بعدم الدفاع عن الدول التي لا ترفع إنفاقها العسكري وفقًا لمطالبه، مما أثار قلق دول أوروبا الشرقية التي تعتمد بشكل كبير على الحماية الأمريكية في وجه التهديدات الروسية.

أما على الصعيد الإنساني، فقد قرر ترامب حلّ وكالة المساعدات الخارجية الأمريكية، وهو ما يهدد بقطع المساعدات عن ملايين الأشخاص في الدول الفقيرة، ويدفع بالمزيد من اللاجئين نحو أوروبا، مما يفاقم الأزمات الإنسانية هناك. هذه الخطوة وُصفت بأنها “ضربة قاصمة” للدبلوماسية الأمريكية، إذ كانت المساعدات جزءًا رئيسيًا من النفوذ الأمريكي لعقود طويلة.


مشروع غزة.. خطة قد تفجر المنطقة

من أكثر المشاريع المثيرة للجدل التي طرحها ترامب، هو تصوره لـ “مستقبل قطاع غزة”، حيث أعلن عزمه تحويله إلى وجهة سياحية عالمية، مشيرًا إلى أن واشنطن قد تتولى مسؤولية إعادة بنائه وفق النموذج الأمريكي. هذه التصريحات أثارت عاصفة من الرفض، حيث أكد الفلسطينيون رفضهم التام لأي مخطط يهدف إلى تهجير سكان القطاع.

وقد نددت السعودية بالخطة، كما اعتبرتها مصر تهديدًا مباشرًا لاتفاقيات السلام مع إسرائيل. فيما وصفها مسؤولون أوروبيون بأنها “أكبر انتهاك للقانون الدولي منذ عقود”.


صعود تيار اليمين المتطرف في أوروبا.. دعماً لترامب

رغم موجة الغضب الدولية، وجد ترامب دعمًا قويًا من قادة اليمين المتطرف في أوروبا، الذين عقدوا قمة خاصة في مدريد تحت شعار “جعل أوروبا عظيمة مرة أخرى”. شارك في هذا اللقاء شخصيات مثل رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، وزعيمة حزب التجمع الوطني الفرنسي مارين لوبان، ونائب رئيسة الوزراء الإيطالية ماتيو سالفيني. جميعهم أشادوا بأجندة ترامب وأكدوا أنهم الوحيدون القادرون على التفاهم مع إدارته الجديدة.

وقد أثارت هذه القمة انقسامًا واضحًا في القارة العجوز، حيث سارع القادة التقليديون في الاتحاد الأوروبي إلى التحذير من أن سياسات ترامب قد تؤدي إلى انهيار العلاقات عبر الأطلسي، وإشعال حروب تجارية تهدد الاقتصاد العالمي.


ماذا بعد؟.. سيناريوهات المستقبل في ظل “ترامب الجديد”

مع استمرار ترامب في تنفيذ سياساته المتشددة، يواجه العالم تحديات متزايدة تتطلب إعادة تقييم لمكانة الولايات المتحدة في النظام الدولي. فهل ستتمكن الدول الكبرى من احتواء تأثير قراراته، أم أن المرحلة القادمة ستشهد المزيد من التصعيد والمواجهات؟

الأكيد هو أن العالم بعد ترامب لن يكون كما كان قبله، وأن قواعد اللعبة السياسية والاقتصادية الدولية باتت في مهب الريح، في انتظار ما ستكشفه الأيام القادمة من تطورات وصراعات جديدة.

دال ميديا – وكالات

المزيد من المواضيع