خطة الجنرالات: كيف تسعى إسرائيل لإجبار حماس على الاستسلام من خلال الحصار والتجويع؟
“خطة الجنرالات” هي استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى إجبار حركة حماس على الاستسلام من خلال سلسلة من الإجراءات القاسية ضد سكان غزة والبنية التحتية في المنطقة، مع التركيز على الشمال. تعتمد الخطة على إخلاء السكان وفرض حصار خانق، مما يجعل الحياة في المنطقة غير ممكنة ويضع الحركة في مواجهة ضغط شعبي واقتصادي هائل.
التاريخ والتطورات: بدأت “خطة الجنرالات” في الظهور كمفهوم ضمني مع تصاعد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على مر السنين، لكنها تم تكثيفها وتصميمها بشكل محدد من قبل الجنرال الإسرائيلي غيورا آيلاند وغيره من الضباط الإسرائيليين البارزين، وهي تستند إلى استراتيجيات عسكرية تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية من خلال فرض ظروف قاسية على العدو.
تاريخيًا، تم تنفيذ أشكال من هذه الاستراتيجية خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة مثل “عملية الرصاص المصبوب” و”الجرف الصامد”، لكن هذه الخطة بالذات تم تطويرها بعد حرب غزة في عام 2021، حيث بدأت إسرائيل تبحث عن وسائل لتحقيق أهدافها دون الحاجة إلى احتلال بري طويل الأمد. هذه الخطة تدور حول تكتيك يعتمد على استخدام الحصار والتجويع كوسيلة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
مضمون الخطة:
- إخلاء شمال غزة:
تقوم الخطة على إصدار أوامر لسكان شمال غزة، بما في ذلك مدينة غزة نفسها، بترك منازلهم والانتقال جنوباً عبر ممرات يتم تأمينها من قبل الجيش الإسرائيلي. بعد ذلك، يتم فرض حصار عسكري كامل على المنطقة. وفقاً للخطة، من يرفض الإخلاء يُعتبر من مقاتلي حماس ويتم التعامل معه على هذا الأساس. - قطع الإمدادات: أحد الأركان الأساسية في الخطة هو منع وصول المساعدات الإنسانية والمواد الضرورية إلى حماس. الهدف من ذلك هو تجويع الحركة وعناصرها إلى أن تنهار داخلياً. تشير التقارير إلى أن إسرائيل قد قامت سابقاً بتقليص عدد المساعدات التي يتم إدخالها إلى القطاع، حيث تم السماح فقط بدخول حافلتين من المساعدات يوميًا، وهي خطوة تهدف إلى زيادة الضغط على السكان والحركة.
- الضغط الشعبي: تعتمد الخطة على إثارة الغضب الشعبي ضد حماس من خلال خلق ظروف قاسية للغاية. يتوقع الجنرالات أن يؤدي التجويع ونقص الخدمات الأساسية إلى احتجاجات ضد الحركة التي تحكم القطاع منذ عام 2007. كما تُعتبر الفوضى الداخلية أحد الأهداف الأساسية للخطة، حيث يرى معدو الخطة أن انهيار حماس من الداخل سيكون الحل الأمثل بالنسبة لإسرائيل.
أهداف الخطة: تسعى إسرائيل من خلال “خطة الجنرالات” إلى تحقيق أهداف متعددة، منها:
- إضعاف حركة حماس من خلال فرض حصار خانق يجعل من الصعب عليها مواصلة حكمها في غزة.
- تقليص الدعم الشعبي لحماس في غزة من خلال خلق حالة من الفوضى الاقتصادية والاجتماعية، مما يجعل المواطنين في غزة يلجأون إلى الاحتجاج ضد الحركة.
- تفادي الحاجة إلى احتلال بري طويل الأمد والذي قد يكلف إسرائيل خسائر بشرية كبيرة ويسبب أضراراً دولية على المستوى السياسي.
التطبيق العملي: على الرغم من أن “خطة الجنرالات” لم تُنفذ بشكل كامل حتى الآن، إلا أن بعض جوانبها بدأت تتضح في التعامل الإسرائيلي مع غزة خلال العمليات العسكرية الأخيرة. فعلى سبيل المثال، تم استخدام استراتيجيات قطع الإمدادات وتقليل المساعدات الإنسانية بشكل متكرر في السنوات الأخيرة. إضافة إلى ذلك، أدت العمليات الجوية الواسعة إلى نزوح الآلاف من سكان شمال غزة نحو الجنوب.
ردود الفعل: الخطة تواجه انتقادات شديدة على الصعيد الدولي، حيث يرى العديد من المراقبين أنها قد تنتهك القوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. كما أن تجويع السكان المدنيين يُعد استراتيجية خطيرة قد تؤدي إلى كارثة إنسانية. من جهة أخرى، يرى بعض السياسيين في الحكومة الإسرائيلية أن الخطة هي الوسيلة الأكثر فعالية لإنهاء حكم حماس في القطاع.
“خطة الجنرالات” هي إحدى الاستراتيجيات المثيرة للجدل التي تعكس التوجهات الإسرائيلية في التعامل مع غزة. بينما تهدف الخطة إلى تحقيق الأهداف السياسية والعسكرية دون الحاجة إلى تدخل بري كبير، فإنها تواجه تحديات قانونية وأخلاقية كبيرة، مما يجعل تطبيقها الكامل مسألة معقدة وتخضع لتقييمات دقيقة من القيادة الإسرائيلية والضغط الدولي.