كشفت دراسة جديدة أُجريت في جامعة لوند بالسويد عن اكتشافات مذهلة تشير إلى أن السمنة قد تزيد من خطر الإصابة بأنواع من السرطان بأكثر من ضعف ما كان يُعتقد سابقًا. هذه الدراسة الضخمة، التي استندت إلى بيانات من 4.1 مليون سويدي على مدى 20 عامًا، تقدم نظرة جديدة على التأثيرات الضارة لزيادة الوزن على الصحة العامة، وخاصة في ما يتعلق بالسرطان.
السمنة والسرطان: دراسة على نطاق واسع
قام فريق الباحثين في جامعة لوند بجمع بيانات مؤشر كتلة الجسم (BMI)، الذي يقيس العلاقة بين الوزن والطول، من ملايين الأشخاص في السويد، ومقارنتها بحالات السرطان بين 330 ألف شخص ممن تم تشخيصهم بالسرطان خلال فترة الدراسة. النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى وجود ارتباط بين ارتفاع مؤشر كتلة الجسم وزيادة مخاطر الإصابة بأنواع جديدة من السرطان، بواقع 18 نوعًا إضافيًا، ليصل العدد الإجمالي لأنواع السرطان المرتبطة بالسمنة إلى 31 نوعًا، مقارنة بـ 13 نوعًا كان معروفًا سابقًا.
تقول تانجا ستوكس، الباحثة في علم الأوبئة في جامعة لوند: “هذه واحدة من أكبر الدراسات التي شملت عددًا ضخمًا من حالات السرطان، مما أتاح لنا الفرصة لدراسة حتى الأنواع النادرة من السرطان”. وأضافت ستوكس أن النتائج أظهرت علاقة طردية بين زيادة مؤشر كتلة الجسم وزيادة مخاطر الإصابة بالسرطان، حيث قالت: “كلما ارتفع مؤشر كتلة الجسم، زادت المخاطر”.
أنواع السرطان المرتبطة بالسمنة: اكتشافات جديدة
تضمنت الدراسة اكتشاف ارتباط بين السمنة وأنواع جديدة من السرطان، منها سرطان الأمعاء الدقيقة وسرطان الدم. ومع ذلك، فإن تصنيف هذه الأنواع الجديدة كأنواع مرتبطة بشكل قاطع بالسمنة لا يزال يحتاج إلى مزيد من الأبحاث، إلا أن تانجا ستوكس أعربت عن ثقتها بأن بعضها سيُضاف إلى القائمة المعترف بها رسميًا.
وأضافت ستوكس: “نحن نعلم بالفعل أن مؤشر كتلة الجسم العالي يزيد من خطر الإصابة بـ 13 نوعًا معروفًا من السرطان، وأنا على يقين بأن بعض الأنواع الجديدة التي وجدناها ستثبت علاقتها بالسمنة بشكل قاطع، وإن لم يكن كلها”.
ومن بين الأنواع الجديدة من السرطان التي يمكن أن تكون مرتبطة بالسمنة، تأتي السرطانات في أجزاء من الرأس والرقبة، والمعدة، والأمعاء الدقيقة، وقنوات الصفراء الأخرى، بالإضافة إلى بعض الأورام الغددية واللمفاوية وسرطانات الأنسجة الضامة.
السرطانات المرتبطة بالسمنة مسبقًا
في السابق، كانت الأبحاث قد أثبتت وجود ارتباط بين السمنة وأنواع معينة من السرطان، مثل سرطان المريء، وسرطان القولون والمستقيم، وسرطان الكلى، وسرطان الثدي بعد انقطاع الطمث، وغيرها. ومع الاكتشافات الجديدة، يبدو أن السمنة قد تكون عاملاً أكثر خطورة مما كان يعتقد.
الأسباب والعوامل المؤثرة
على الرغم من هذه النتائج، تشير ستوكس إلى أن هناك حاجة للمزيد من البحث لتحديد ما إذا كانت السمنة هي العامل الرئيسي المسبب للسرطان في هذه الحالات، أم أنها مجرد عامل مساهم بين عوامل أخرى. وتضيف: “بالنسبة لكثير من أنواع السرطان، هناك عوامل أخرى تلعب دورًا أكبر بكثير، كما أن للصدفة دور كبير في بعض الأحيان”.
وتشير الدراسة إلى أن حوالي 25% من حالات السرطان الـ 330 ألف المشمولة في الدراسة كانت تُعرف سابقًا بأنها مرتبطة بالسمنة، مثل سرطان القولون وسرطان الكلى. أما الآن، فإن الدراسة تشير إلى أن 15% أخرى من الحالات يمكن أن تكون مرتبطة بالسمنة، مما يعني أن 40% من جميع الحالات قد تكون ذات صلة بالوزن الزائد.
توصيات ودعوات للوقاية
بناءً على هذه النتائج، يحث الباحثون على ضرورة اتخاذ خطوات وقائية للحد من معدلات السمنة، مما قد يسهم في تقليل مخاطر الإصابة بالسرطان. وتشمل هذه الخطوات تعزيز النشاط البدني، وتبني نظام غذائي صحي، والحد من تناول السعرات الحرارية الفارغة.
وختمت ستوكس بالقول: “هذه النتائج تجعلنا ندرك أن السمنة ليست مجرد مسألة وزن زائد، بل قد تكون عاملًا خطيرًا يزيد من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض القاتلة، بما في ذلك أنواع جديدة من السرطان لم نكن ندرك علاقتها بالسمنة من قبل”.
المصدر: tv4