كشف تقرير حديث تفاصيل مثيرة حول تورط جهاز المخابرات التركي، تحت إشراف الرئيس رجب طيب أردوغان وعدد من المسؤولين البارزين، في دعم الجماعات الجهادية في سوريا وتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة من خلال نظام معقد للتهرب الضريبي والاختلاس.
دعم الجماعات الجهادية في سوريا
وفقاً للتقرير الذي نشره موقع زمان التركي، فقد قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية السابق أحمد داود أوغلو ورئيس المخابرات السابق هاكان فيدان بتنسيق دعم الجماعات الجهادية التي تقاتل ضد نظام الأسد في سوريا، حيث استخدمت هذه الجماعات تركيا كمركز لوجستي للتدريب والإمدادات، مع إشراف مباشر من جهاز المخابرات التركي. هذا التعاون شمل تسهيل انتقال الأسلحة والذخيرة إلى هذه الجماعات، مع تقديم الدعم المالي واللوجستي.
نظام الريع والفساد: “المنظمات الوهمية”
تحت قيادة كمال إسكنتان، المعروف بلقب “أبو فرقان”، قام جهاز المخابرات بإنشاء نظام ريعي ضخم يعتمد على “المنظمات الوهمية” و”مركز العمليات المشتركة” (MOM) لتمويل ودعم الجماعات الجهادية. كان يتم تحويل الأموال من قطر إلى تركيا بانتظام لدعم هذه العمليات، حيث كانت الحقائب المملوءة بالدولارات تُسلم إلى إسكنتان في مقر المخابرات في أنقرة.
آلية عمل النظام:
- تلقي الأموال: كانت الأموال تُستلم من قطر في شكل حقائب مليئة بالدولارات. يتم وضع هذه الأموال في خزانة فولاذية دون عد أو تسجيل.
- توزيع الأموال: كان إسكنتان يحدد المبلغ المخصص لكل تنظيم جهادي، ويتم تحويل الأموال إليهم دون أي تدقيق أو مراقبة دقيقة.
- إنشاء التنظيمات الوهمية: كان إسكنتان يقوم بإنشاء تنظيمات جهادية وهمية من خلال منح الأموال والذخائر لمجموعات ترفع لافتات مزيفة وتعلن عن وجودها عبر وسائل الإعلام، في حين أن العمليات الفعلية على الأرض كانت محدودة أو غير موجودة.
التصفيات السياسية: مقتل سميح ترزي
تضمن التقرير تفاصيل مقتل العميد سميح ترزي، قائد لواء القوات الخاصة في سيلوبي، والذي كان على علم بتفاصيل الفساد داخل جهاز المخابرات. في ليلة 15 يوليو/تموز، تم توجيه ترزي إلى ثكنة القوات الخاصة في جولباشي، حيث تعرض لإطلاق النار من قبل الضابط عمر هاليسدمير، الذي تم تعيينه بشكل خاص لتنفيذ هذه المهمة.
تفاصيل الحادث:
- الأوامر والطائرة: صدر أمر بإحضار سميح ترزي إلى أنقرة رغم الحظر المفروض على الرحلات الجوية. تم تجاهل هذا الأمر، وتم تأكيد وصول الطائرة إلى ديار بكر وتحركها نحو أنقرة، دون أي اعتراض.
- الاستقبال والتصفية: وصل ترزي إلى قاعدة إتيمسغوت في أنقرة، حيث استقبله عدد من أفراد القوات الخاصة. بعد ذلك، تم نقله إلى ثكنة جولباشي، حيث أطلق عمر هاليسدمير النار عليه، مما أدى إلى إصابته ثم وفاته. بعدها تم اتخاذ إجراءات سريعة لإزالة أي أدلة أو شهادات قد تكشف الفساد المتورط في القضية.
الفساد المالي والاختلاس
النظام الذي أطلقته الحكومة التركية لم يقتصر على دعم الجماعات الجهادية فحسب، بل شمل أيضًا آلية معقدة لاختلاس الأموال. تم استخدام منظمات وهمية وطرق تهرب ضريبي متقدمة لتحقيق أهداف مالية غير مشروعة. تم تحويل الأموال إلى تنظيمات وهمية تستخدم كواجهة لتوزيع الأسلحة والذخائر، في حين يتم اختلاس جزء كبير من هذه الأموال.
دور قطر في التمويل
كشف التقرير أن قطر كانت تقوم بتمويل النظام التركي، حيث كانت الأموال تُرسل لدعم الجماعات الجهادية. لكن، وفقًا للتقرير، كان جزء كبير من هذه الأموال يُختلس، ويتم تحويل الأسلحة والذخائر إلى داعش عبر تنظيمات وهمية. هذا التمويل كان يتم تحت إشراف مشترك من تركيا وقطر، ما يجعل من الصعب تحديد حجم الأموال التي تم اختلاسها.
عملية إتلاف الوثائق
في ختام التقرير، تم التأكيد على أن عملية 15 يوليو/تموز لم تكن مجرد محاولة انقلاب فاشلة، بل كانت جزءًا من خطة منظمة لإخفاء الأدلة وتصفية الشهود. تم تدمير العديد من الوثائق الهامة في مقر المخابرات بعد وقوع الأحداث، بما في ذلك الوثائق التي تتعلق بالفساد داخل الجهاز.
خلاصة التقرير
التحقيقات تكشف عن عمق الفساد داخل جهاز المخابرات التركي والتورط الواسع للنظام في دعم الجماعات الجهادية والاختلاس المالي. الأحداث التي شهدتها ليلة 15 يوليو/تموز كانت جزءًا من استراتيجية أوسع لإبقاء نظام أردوغان في السلطة وتعزيز مصالحه السياسية والمالية.