دال ميديا: في وقت كانت فيه سوق السلع المستعملة (Second Hand) تزدهر وتشهد نموًا ملحوظًا في الأعوام الماضية، جاءت أرقام فبراير 2025 بمثابة صدمة للقطاع بأكمله، حيث كشفت Svensk Handel – الهيئة السويدية المعنية بشؤون التجارة – عن انخفاض مذهل في مبيعات السلع المستعملة بنسبة 40% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، أي ما يعادل تراجعًا بحوالي 742 مليون كرونة سويدية.
أسباب متعددة خلف التراجع
وبحسب تقرير Pre Loved-indikatorn، الذي يُصدر بشكل شهري من قبل Svensk Handel لرصد سلوك المستهلكين في سوق السلع المستعملة، فإن هذا الانخفاض يُعزى إلى مجموعة من العوامل التي اجتمعت لتثقل كاهل المستهلك السويدي.
صوفيا لارسون، المديرة التنفيذية لـ Svensk Handel، أوضحت أن “الظروف الاقتصادية الضاغطة، وارتفاع تكاليف المعيشة، والقلق العام من الأوضاع الدولية، ساهمت جميعها في تقييد القوة الشرائية لدى الأفراد.” وأضافت:
“نسمع يوميًا أخبارًا تدفع الناس للتمسك أكثر بمحافظهم.”
كما أن اعتدال الطقس الشتوي لعب دورًا في تقليص الحاجة إلى شراء ملابس دافئة جديدة، وهو ما انعكس سلبًا على حجم المبيعات خاصة في قطاع الأزياء.
رغم التراجع: المزيد من الناس يتجهون نحو الشراء
ورغم التراجع في قيمة المبيعات، كشفت البيانات أن عدد المتسوقين الذين اختاروا شراء منتجات مستعملة في ارتفاع، ولكن بمبالغ أقل، ما يعكس تغيرًا في سلوك المستهلكين نحو البحث عن بدائل أرخص، دون إنفاق مبالغ كبيرة.
“الناس يريدون شراء ما يحتاجونه بأسعار منخفضة، لكنهم حذرون جدًا في ما ينفقونه”، تقول لارسون.
تصاعد الاهتمام بالاعتماد على الذات
من جانبها، أفادت Kitty Ehn، مديرة الاتصال في منصة Blocket الإلكترونية، بأن توجهات البحث لدى المستخدمين شهدت تغيرًا لافتًا خلال فبراير، حيث ارتفعت عمليات البحث عن بيوت الدجاج والبيوت الزجاجية (växthus)، مشيرة إلى أن “أسعار البيض المتزايدة ربما كانت أحد المحفزات لاهتمام الناس بتربية الدواجن في منازلهم”، مع تسجيل 15 ألف عملية بحث عن “دجاج” خلال شهر واحد فقط.
وفي السياق ذاته، أعلنت منصة Tradera المتخصصة في البيع والشراء الإلكتروني للسلع المستعملة، عن زيادة ملحوظة في عدد المنتجات المعروضة للبيع مقارنة ببداية العام الماضي، بحسب المتحدثة باسم المنصة صوفيا هاجيلين.
جميع القطاعات تأثرت… لكن الأزياء أقلها تضررًا
وبحسب التصنيف الذي أعدته Svensk Handel، فقد شهدت جميع فئات المنتجات تراجعًا في المبيعات، من الأثاث والديكور المنزلي إلى الكتب والمجلات، في حين كان قطاع الأزياء الأقل تراجعًا من حيث النسبة.
وعلى الرغم من أن سوق السكند هاند ما زال يُعد “الأقوى عبر الإنترنت”، إلا أن المبيعات الرقمية وحدها انخفضت بأكثر من 400 مليون كرونة خلال فبراير فقط.
لا زالت الموضة المستعملة تحافظ على بريقها
وترى الصحفية المتخصصة في مجال الموضة إميلي داهل أن الإقبال على السلع المستعملة لم يتراجع فعليًا من حيث الشعبية، بل أن الحالة الاقتصادية الصعبة حدّت فقط من الشراء العشوائي أو التلقائي.
“العديد من العائلات، خاصة الآباء والأمهات، ما زالوا يعتمدون على السكند هاند لتأمين الملابس لأطفالهم الذين يكبرون بسرعة. هي حاجة أكثر منها موضة فقط.”
وختمت بالقول:
“السكند هاند ما زال رائجًا. لكننا أصبحنا نشتري بذكاء أكثر، لا باندفاع.”
دعوات حكومية لتحفيز الاقتصاد
وسط هذا التراجع الملحوظ في الإنفاق، طالبت Svensk Handel الحكومة السويدية باتخاذ خطوات فورية لدعم الأسر وتنشيط القوة الشرائية.
“إذا لم يحدث تحوّل قريب في مسار الاقتصاد، فإننا نخاطر بفقدان وظائف وشركات مهمة في السويد”، حذّرت لارسون.
المصدر: SVT