في خطوة غير مسبوقة، استطاع زعيم كردي مسجون وكاتب تركي حر تحويل مراسلاتهما إلى رواية ناجحة حصدت شعبية واسعة في تركيا.

تحت عنوان “ثنائي في المطهر” (Duet in Purgatory)، تروي الرواية قصة محامٍ يساري متقاعد وجنرال مسنّ يحمل ماضٍ مليء بالأحداث، مجسدةً أربعة عقود من تاريخ تركيا المضطرب وصراعها الكردي المزمن، وفق ما نشرته وكالة فرانس برس للأنباء.

صلاح الدين دميرتاش، الزعيم الكردي المسجون، ويغيت بينر، الكاتب الحر، تعاونا على كتابة الرواية دون أن يتقابلا أو يناقشا الحبكة، مما أضفى على العمل روح المخاطرة والإبداع. وعلق دميرتاش قائلاً: “كانت مجازفة كبيرة أن نحاول كتابة رواية وكأننا نلعب الشطرنج، خطوة بخطوة، دون الاتفاق على الحبكة أو الشخصيات أو الأسلوب”.

بدأت القصة عندما أرسل بينر نسخة من رواية “رحلة إلى نهاية الليل” للكاتب لويس فرديناند سيلين إلى دميرتاش، مرفقة بملاحظة تضامن. وأثارت هذه المبادرة سلسلة من المراسلات بين الكاتبين عبر محامي دميرتاش، ما أدى إلى تعاونهم الأدبي.

دميرتاش، الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي، يقبع في السجن منذ عام 2016. وقد انتقدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان احتجازه، معتبرةً أنه ذو دوافع سياسية.

بينر، الذي عاش في المنفى خلال الثمانينات، أعجب بأعمال دميرتاش القصصية وبدأ بمراسلته، مما دفعهما إلى التعاون على كتابة الرواية. وفيما يرفض بينر الكشف عن بدء الكتابة، يؤكد أن الاثنين تناوبا على صياغة النص، واستمتعوا كثيراً بعملية الكتابة.

نشرت دار “ديبنوت” 55 ألف نسخة من الرواية في الشهر الماضي، مع خطط لإصدار المزيد من النسخ في أيلول/سبتمبر.

وقد أشاد النقاد بالسرد الحيوي والمضحك في الرواية، بينما لفت بينر إلى أن نجاح الرواية يكمن في توقيتها المناسب، قائلاً: “الكتاب يتناول مسألة المصالحة عبر شخصيتين تتقاسمان شعور الهزيمة ذاته، ويعكس انقسام تركيا اليوم”.

في يوم إصدار الكتاب، حصل بينر على إذن استثنائي لمقابلة دميرتاش في سجن أدرنة، حيث يقبع الزعيم الكردي في عزلة. كان اللقاء عاطفياً للغاية، ويعكس عمق الشراكة الأدبية التي جمعت بينهما.

هذه الرواية لم تكن مجرد عمل أدبي، بل كانت رمزاً للتحدي والإبداع في وجه القيود.