زيارة أمريكية مفاجئة إلى دمشق: فرصة لإعادة رسم مستقبل سوريا بعيداً عن روسيا وإيران؟

لقاء الشرع مع الوفد الأمريكي. وكالة سانا السورية

دال ميديا: في تطور لافت على الساحة السياسية السورية، استقبل الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، يوم السبت، وفداً من الكونغرس الأمريكي في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، في أول زيارة رسمية من نوعها منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي.

وضم الوفد النائب كوري ميلز وعضو الكونغرس الجمهوري مارلين ستوتزمان، حيث تأتي هذه الزيارة في وقت حساس تمرّ فيه البلاد بمرحلة إعادة هيكلة سياسية وأمنية، وسط ضغوط دولية مستمرة وعقوبات أمريكية مشددة.

وبحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”، ناقش الرئيس الشرع مع النائب كوري ميلز قضايا تتعلق بالعقوبات المفروضة على دمشق، والنفوذ الإيراني في البلاد، ومستقبل العلاقات مع واشنطن. وامتد اللقاء لأكثر من ساعة ونصف بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وعدد من كبار المسؤولين.

رغبة أمريكية في الحوار… وتحذير من العودة إلى أحضان موسكو وطهران

وفي تصريحات صحفية مثيرة، أشار النائب ستوتزمان إلى أن سوريا تقف أمام “فرصة تأتي مرة في العمر” لإعادة رسم موقعها الاستراتيجي بعيدًا عن المحور الروسي-الإيراني، مضيفًا: “لا نريد أن نرى سوريا تعود إلى أحضان روسيا أو تقع تحت نفوذ الصين المتنامي في المنطقة”.

ورغم استمرار العقوبات المفروضة على الرئيس السوري الجديد بسبب ارتباطاته السابقة بتنظيمات متطرفة، أبدى الوفد الأمريكي انفتاحًا على الحوار المباشر مع القيادة الجديدة، مشيرًا إلى تجارب سابقة لإدارة ترامب مع قادة دول مثيرة للجدل مثل إيران وكوريا الشمالية.

تحذيرات أمنية متزامنة من الخارجية الأمريكية

تزامنت الزيارة مع إصدار الخارجية الأمريكية تحذيراً جديداً لرعاياها بعدم السفر إلى سوريا، مصنفة البلاد ضمن “المستوى الرابع: لا تسافر”، ومحذّرة من هجمات إرهابية وعمليات اختطاف محتملة.

وأكد البيان أن “أي جزء من سوريا لا يمكن اعتباره آمناً من العنف”، ما يعكس استمرار القلق الأمريكي من التدهور الأمني في عدد من المناطق السورية.

جولات ميدانية ومحاولات لكسر الجمود

وخلال زيارتهما، قام الوفد الأمريكي بجولات ميدانية في مناطق دمرتها الحرب داخل العاصمة، كما التقى بقادة دينيين مسيحيين وبحث معهم سبل دعم التعايش المجتمعي.

وكشفت مصادر مطلعة أن الوفد يعتزم الاجتماع بعدد من الوزراء السوريين لمناقشة إمكانيات التعاون المستقبلي في مجالات متعددة، من ضمنها إعادة الإعمار والحكم المحلي.

وفي حديثه لوسائل إعلام أمريكية، أكد ستوتزمان أن الزيارة أتاحت للوفد “سماع أصوات السوريين بشكل مباشر”، وأن بعضهم أبدوا مخاوف متزايدة من الضربات الإسرائيلية المتكررة على الجنوب السوري ومحيط دمشق.

وأضاف: “يجب أن نعمل على دعم حكومة قوية قادرة على تمثيل الشعب السوري وحماية حدوده، وإذا استقرت سوريا فإن علاقتها مع إسرائيل يمكن أن تتحول من خصومة إلى شراكة محتملة”.

جهود دبلوماسية لفتح قنوات جديدة

الزيارة نُظمت من قبل “التحالف السوري الأمريكي من أجل السلام والازدهار”، الذي أكد أن الهدف منها هو فتح قنوات تواصل بنّاءة تمهد لمرحلة جديدة من الحوار بين واشنطن ودمشق.

وفيما تواصل واشنطن الضغط عبر شروط واضحة لتخفيف العقوبات – أبرزها تفكيك شبكات المقاتلين الأجانب وإعادة ضبط منظومة الحكم – لا تزال الإدارة الأمريكية متحفظة تجاه إجراء أي لقاء رسمي على مستوى رفيع مع الحكومة السورية، بحسب مراقبين.

لكن هذه الزيارة، التي قد تبدو رمزية في ظاهرها، تحمل دلالات استراتيجية عميقة، وتفتح الباب أمام إمكانية إعادة تشكيل العلاقات بين سوريا والولايات المتحدة في ظل التغيرات الإقليمية المتسارعة.

المزيد من المواضيع