طفلك وجوازه… المطلوبان الجديدان على قوائم الجريمة في السويد – وهذا ما قالته الشرطة!

الشرطة السويدية. Foto: Mikael Fritzon/TT

دال ميديا: بهذه الكلمات، بدأت العصابات الإجرامية في السويد موجة جديدة من الاستهداف الرقمي للأطفال، في واحدة من أكثر الطرق وقاحة وتنظيماً لتجنيد القُصّر في عالم الجريمة. الشرطة السويدية تطلق الآن صافرة إنذار جديدة، وتحذّر الأهل بشدة من السماح لأبنائهم بمشاركة أي صورة لجوازاتهم أو بطاقاتهم الشخصية، إذ أن ذلك قد يكون الخطوة الأولى نحو دخول نفق مظلم لا نهاية له، بحسب ما أفادت به صحيفة أفتونبلاديت “Aftonbladet“.

وفقًا لما كشفته الشرطة الوطنية، فقد طوّرت العصابات أساليبها في التجنيد، مستغلة التطبيقات الاجتماعية ومنصات التواصل التي يقضي فيها الأطفال ساعات طويلة يومياً. الرسائل تصلهم مباشرة عبر تطبيقات مثل Snapchat وTikTok وWhatsApp، وتبدأ بعروض مغرية لا تُقاوم: “نريدك لمهمة بسيطة… وسندفع لك 100 ألف كرونة، فقط أرسل صورة جواز سفرك.”

لكن ما يبدو في البداية كفرصة لربح سريع، يتحول سريعاً إلى فخ محكم. بمجرد إرسال صورة الجواز أو البطاقة، تملك العصابة كل ما تحتاجه لربط الطفل بها قانونياً ونفسياً. يمكنهم تتبعه، معرفة تفاصيل عائلته، الضغط عليه، تهديده، بل وحتى إجباره على تنفيذ مهام إجرامية دون أي قدرة على التراجع.

الشرطي أوغوست كنوتسون، منسق العمليات في المركز الوطني للشرطة السويدية والمسؤول عن تقليل العنف في البيئات الإجرامية، عبّر عن قلقه الكبير قائلاً: “عندما يرسل الطفل صورة لجوازه، يصبح رسمياً في قبضة العصابة. من تلك اللحظة، لا يمكنه التراجع بسهولة. بعضهم يتراجع فعلاً، لكن حينها يبدأ الكابوس الحقيقي… التهديدات، الخوف، وربما الانهيار النفسي.”

ووفقًا للشرطة، فبعض هؤلاء الأطفال لا يتجاوزون الثانية عشرة من العمر. يجلسون أمام هواتفهم المحمولة بعد المدرسة، يجرّبون حظهم في مغامرة مشبوهة تنتهي إما بالتورط في نشاطات غير قانونية، أو بالوقوع ضحية لابتزاز عصابات لا ترحم. “هناك عدد غير معلوم من الأطفال يعيشون اليوم تحت ضغط نفسي هائل، لا يجرؤون على البوح بما مروا به، لأنهم يعتقدون أنهم مذنبون، أو لأنهم يخافون على أنفسهم وعلى عائلاتهم”، يضيف كنوتسون.

وقد دفعت هذه التطورات السلطات السويدية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة، إذ عُقد اجتماع طارئ ضم عدداً من السياسيين البارزين، ورئيس الشرطة الوطنية، وممثلي منظمات حقوق الطفل، إلى جانب هيئة المدارس السويدية (Skolverket)، ومعهد أبحاث الدفاع، لمناقشة هذه الظاهرة الخطيرة. كما تمت دعوة كبرى شركات التكنولوجيا مثل Meta، TikTok وGoogle، بهدف حثهم على تحمل مسؤولياتهم في مراقبة ما يجري على منصاتهم.

المجتمع الرقمي لم يعد فضاءً ترفيهياً آمناً كما يظن الكثير من الآباء. الطفل الذي تُهدى إليه هاتف ذكي، قد يكون في نظر والده فقط “مشغولاً بلعبة إلكترونية”، بينما هو في الحقيقة يُستدرج نحو الجريمة من قبل أشخاص بالغين يُتقنون فنون الإقناع والترهيب الرقمي.

كنوتسون يذكّر الأهل قائلاً: “غالباً ما يكون الأب أو الأم هم من دفعوا ثمن الهاتف الذكي، وهذا يعني أنهم مسؤولون أيضاً عن مراقبة ما يجري داخله. لا تتعاملوا مع الهاتف وكأنه صندوق مغلق لا يخصكم. اسألوا، تحاوروا، لا تفترضوا أن كل شيء على ما يرام، فهناك عوالم خفية داخل هذه الأجهزة.”

الشرطة تحث العائلات على إخفاء جوازات السفر وبطاقات الهوية عن متناول الأطفال، تمامًا كما تُخفى الهدايا أو الأدوية أو مفاتيح السيارة. فالصورة التي تُلتقط الآن، قد تتحول إلى رصاصة لاحقاً، ليس بالمعنى الحرفي، بل النفسي والاجتماعي والقانوني.

الأمر لم يعد يتعلق فقط بخطر الجرائم في الشوارع، بل بخطر الجرائم التي تبدأ من غرفة الطفل، بهدوء، وبابتسامة رقمية مخادعة. العصابات لم تعد بحاجة إلى سيارات سوداء أو زوايا مظلمة في الأحياء… يكفيها الآن شبكة واي فاي وهواتف أطفال غير مراقبة.

المزيد من المواضيع