دال ميديا: في مشهد دراماتيكي أعاد إلى الأذهان هشاشة العالم الحديث رغم كل مظاهره المتطورة، غرقت إسبانيا والبرتغال في ظلام دامس بسبب انقطاع شامل ومفاجئ للكهرباء، ما أدى إلى شلّ الحركة والحياة اليومية بشكل كامل. وبينما كان المواطنون في شبه الجزيرة الإيبيرية يتلمسون طريقهم وسط الشلل التام، برز سؤال لا مفر منه على الجانب الآخر من القارة: هل السويد مستعدة لمواجهة سيناريو مماثل؟
في عالم يرتكز كل جزء فيه على الطاقة، أصبحت الكهرباء الشريان الذي يغذي كل جوانب الحياة. من التدفئة والنقل إلى الرعاية الصحية والاتصالات، لا يكاد قطاع واحد يفلت من التبعية الكاملة لهذه الخدمة الأساسية. السويد، بمناخها القاسي واعتمادها العميق على التكنولوجيا، ستكون عرضة بشكل خاص لعواقب وخيمة إذا ما حدث انقطاع مماثل.
الحياة اليومية في السويد بدون كهرباء لن تعني فقط انقطاع الأنوار أو توقف الإنترنت، بل أزمة وطنية شاملة. مع غياب التدفئة المركزية، ستتحول درجات الحرارة المتجمدة إلى تهديد مباشر لحياة السكان، وستتوقف أنظمة ضخ المياه، مما يهدد الأمن الصحي. أما على صعيد البنية التحتية، فإن إشارات المرور ستتوقف عن العمل، القطارات ستتعطل، ومحطات الوقود ستغلق أبوابها مع تعطل المضخات.
الرعاية الصحية لن تكون بمنأى عن الأزمة. ورغم وجود مولدات طوارئ في المستشفيات، فإن استمرار الانقطاع لفترة طويلة قد يؤدي إلى عجز خطير في تشغيل المعدات الطبية الحيوية، مما يعرض حياة المرضى للخطر، خاصة أولئك الذين يعتمدون على أجهزة طبية تعمل بالكهرباء في منازلهم.
الأمن الغذائي سيتعرض أيضًا لاهتزاز عنيف. فمع توقف عمل الثلاجات والمجمدات، سيفسد الطعام بسرعة، وقد تجد المتاجر نفسها عاجزة عن البيع بسبب تعطل أنظمة الدفع الإلكتروني. في مثل هذا السيناريو، قد تصبح الطوابير الطويلة أمام المحلات مشهدًا يوميًا مألوفًا.
رغم أن شبكة الكهرباء السويدية تعد من الأكثر تطورًا واستقرارًا على مستوى العالم، إلا أن السلطات تحث المواطنين على الاستعداد الدائم لأي طارئ. من بين النصائح الأساسية: تخزين المياه الصالحة للشرب والأغذية المعلبة، تجهيز مصادر بديلة للإضاءة، توفير وسائل تدفئة لا تعتمد على الكهرباء، امتلاك راديو يعمل بالبطارية للحصول على المعلومات في حالات الطوارئ، وتحضير حقيبة تحتوي على الأدوية والوثائق الهامة والنقود الورقية.
ما حدث في إسبانيا والبرتغال يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار. الاعتماد الكامل على شبكة الكهرباء الحديثة قد يجعل أي عطل واسع النطاق أكثر خطورة مما نتخيل، خصوصًا في بيئات مناخية قاسية مثل السويد، حيث قد يصبح الشتاء القارس أكثر فتكًا من أي وقت مضى.
في النهاية، مواجهة ظلام محتمل لن تعتمد فقط على قوة شبكة الكهرباء، بل على وعي المجتمع واستعداده المسبق. لأن الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في انطفاء الأنوار، بل في مدى جهوزيتنا عندما يحل الظلام.