ستوكهولم: مع حلول الأول من ديسمبر، يبدأ في السويد واحد من أعمق وأجمل تقاليدها المرتبطة بعيد الميلاد، وهو الاحتفال بـ”الأدفنت” (Advent). هذا التقليد العريق يُحاكي العد التنازلي لأربعة أسابيع تسبق عيد الميلاد، حيث يزين المنازل بإضاءة الشموع الأربعة، كل منها يحمل رمزية خاصة تضيف للعيد أبعادًا دينية وتاريخية عريقة.

الأدفنت: أصوله التاريخية والدينية

يعود أصل الاحتفال بالأدفنت إلى التقاليد المسيحية القديمة التي نشأت في القرن الرابع الميلادي في أوروبا. كانت الكنيسة تقيم فترة تحضيرية تسبق عيد الميلاد، هدفها تعزيز التأمل الروحي واستقبال ميلاد المسيح بقلوب نقية.

دور الشمعات الأربعة

• الرمزية الدينية: الشمعات الأربعة التي تُضاء واحدة كل أسبوع تحمل معاني دينية تُلخص فضائل إنسانية وروحية أساسية:
  1. الأمل: الذي يرمز إلى انتظار الخلاص.
  2. السلام: الذي يدعو إليه الميلاد.
  3. الحب: الذي يتمثل في رسالة المسيح.
  4. الفرح: الذي يعم العالم بميلاد المخلص.
• الأدفنتسيار (Adventsljusstake): الشمعدان الخاص بالأدفنت، غالبًا ما يكون دائريًا أو مستطيلًا، يمثل استمرار الحياة والأمل. يُزين الشمعدان بفروع شجر الصنوبر والزهور الطبيعية أو الاصطناعية، ما يضيف لمسة جمال ودفء للمنازل السويدية.

الأبعاد الثقافية والاحتفال اليوم

رغم أن الأدفنت نشأ كطقس ديني، إلا أنه اليوم يعكس أيضًا روحانية عامة تعزز الترابط الأسري والمجتمعي في السويد. تجمع العائلات كل أحد لإشعال الشموع، مصحوبًا بترانيم الميلاد وتقديم المعجنات التقليدية مثل “لوسيبولر” (lussekatter) واحتساء الشاي أو القهوة.

إضاءة النوافذ والديكور

• تُعرض شمعدانات مضيئة في النوافذ، ما يضفي جمالًا على الشوارع السويدية، خاصة في ليالي الشتاء الطويلة.
• تقام أيضًا أسواق الميلاد التقليدية، حيث تُباع الحرف اليدوية والمأكولات الخاصة بالأعياد، مما يجعل الأدفنت موسمًا نابضًا بالحياة.

الدلالات حتى يومنا هذا

• الترابط الأسري: أصبح الأدفنت مناسبة لجمع أفراد العائلة في ظل ضغوط الحياة الحديثة.
• رمز للأمل: الشموع التي تضاء تدريجيًا ترمز إلى التقدم نحو النور، وهو ما يعكس فلسفة إيجابية يتطلع إليها الجميع خلال فصل الشتاء البارد.

ختامًا: ترقب الميلاد بروح جديدة

الأدفنت ليس مجرد تقليد ديني، بل تجربة شاملة تجمع بين التاريخ، الروحانية، والجمال الثقافي. سواء كان الاحتفال يحمل بعدًا دينيًا أو اجتماعيًا، فإن إشعال الشموع الأربعة يظل رمزًا للنور والأمل، ورسالة سلام تمتد من الماضي لتشمل حاضرنا.