دال ميديا: أثار مقترح حكومي جديد في السويد جدلًا واسعًا، بعد أن كشفت الحكومة عن رغبتها في منح الشرطة وجهاز الأمن السويدي (سابو) صلاحيات تسمح لهم بمراقبة تواصل المواطنين عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، بما يشمل معرفة من يرسل الرسائل ومتى يتم ذلك، وهو ما يعني عمليًا إمكانية كسر التشفير المعتمد في هذه التطبيقات.
ويهدف القانون، الذي لا يزال قيد المراجعة وإبداء الآراء (remissförfarande)، إلى تعزيز جهود مكافحة الجريمة المنظمة، إلا أن منتقديه يرون أنه تهديد مباشر لخصوصية الأفراد وخرق خطير لحقوق الإنسان، حسب ما أفادت به قناة TV4 .
“واتساب” يهدد بالانسحاب من السوق السويدي
واحدة من أبرز العواقب المحتملة هي أن تطبيق واتساب – المستخدم من قبل نصف السكان في السويد تقريبًا – قد يتوقف عن العمل في البلاد إذا تم تمرير القانون بصيغته الحالية.
وفي رد رسمي من شركة ميتا (المالكة لتطبيق واتساب)، قال يانّي إلفيليد، رئيس السياسات في ميتا السويد:
“نحن على استعداد للانسحاب من بعض الدول إذا كان ذلك هو الثمن للحفاظ على وعدنا للمستخدمين بشأن الأمان والتشفير التام.”
وأوضح أن التنازل عن خصوصية التشفير ليس خيارًا مطروحًا بالنسبة للشركة، حتى وإن كان الهدف دعم السلطات في محاربة الجريمة.
هل نحن أمام “مراقبة جماعية”؟
الصحفي المتخصص إيمانويل كارلستين أشار إلى أن القانون المقترح يضع السويد أمام مفترق طرق حساس بين حماية الأمن الوطني وحماية الخصوصية الفردية، معتبرًا أن مراقبة الجميع بدون وجود شبهات جرمية يُعد “تعديًا تعسفيًا على الحق في الخصوصية”، وهو ما يتعارض مع المادة الخاصة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن “لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في خصوصياته أو مراسلاته”.
وأضاف:
“عندما نمر بأوقات الأزمات، نرغب في أن تتمكن الشرطة من إنقاذنا، لكن علينا أن نعي أن الثمن قد يكون كبيرًا إذا فقدنا الحق في التواصل الخاص دون رقابة.”
القرار النهائي لم يُتخذ بعد
حتى الآن، لم يتم إقرار القانون رسميًا، حيث لا يزال يخضع للنقاش والتقييم في البرلمان، وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي أيضًا. لكن الجدل المتصاعد حول الحدود الفاصلة بين الأمن والحرية الشخصية يجعل من هذا الملف أحد أكثر القضايا إثارة في السياسة السويدية حاليًا.
ويبدو أن السؤال المطروح الآن هو: هل السويد مستعدة للتخلي عن خصوصية مواطنيها مقابل تعزيز الرقابة الأمنية؟ أم أن هذا القانون سيُجبر تطبيقات عالمية كـ”واتساب” على الانسحاب من البلاد؟