دال ميديا: في مشهد بات مألوفًا لكنه لا يخلو من التساؤلات، ثبتت المحكمة العليا السويدية حكم الطرد بحق شاب يبلغ من العمر 19 عامًا، وُلد وتربى في السويد، بعد إدانته بجريمة قتل مروعة مرتبطة بعنف العصابات.
القضية التي هزت الرأي العام بدأت في ربيع عام 2023، حين أطلق المراهق النار على رجل داخل شقته في فليمنغسبيري، أمام أعين أفراد أسرته. الجريمة صنفت ضمن سلسلة عنف مرتبطة بصراع داخلي في شبكة سودرتاليا، التي باتت تكتب فصولها بالدم.
ورغم أن الجاني قضى طفولته وشبابه في السويد، إلا أن المحكمة اعتبرت أن ارتباطه بالبلاد لا يشفع له في هذه الحالة، وأيّدت قرار الطرد. ومع أن الحكم الأصلي نصّ على طرده مدى الحياة، خفّفت المحكمة العليا العقوبة إلى عشر سنوات، دون إسقاط قرار الإبعاد.
قانون جديد… وخرائط انتماء جديدة
منذ تعديل قوانين الطرد عام 2022، بات من الممكن ترحيل الأشخاص المدانين بجرائم خطيرة، حتى لو وُلدوا في السويد أو وصلوا إليها قبل سن 15. القانون أعاد رسم حدود الانتماء، لا بناءً على شهادة الميلاد، بل بناءً على السجل القضائي.
وهو ما حدث في هذه القضية، حيث أشارت المحكمة إلى أن الشاب لم يتمكن – رغم محاولات التأهيل – من الابتعاد عن الجريمة، وأن الجرم الذي ارتكبه كان من “الدرجة القصوى”، ما يجعل الطرد قرارًا متناسبًا وفق القانون.
رُضّع يبقون… وشباب يُغادرون
ولأن لكل قصة مرآة تعكس النقيض، نظرت المحكمة العليا في قضية موازية لرجل يبلغ من العمر 37 عامًا، وصل إلى السويد وهو رضيع لم يتجاوز ثمانية أشهر، وأدين مؤخرًا بجملة من التهم الخطيرة منها حيازة سلاح وتهديدات.
لكن المحكمة هنا رأت أن الطرد غير متناسب، نظراً إلى ارتباط الرجل الطويل بالسويد، واعتبرت أن طرده سيؤدي إلى “تعارض غير مبرر” مع حياته الخاصة والعائلية، بحسب ما تنص عليه الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
النتيجة؟ أحدهم يطرد رغم أنه وُلد هنا، والآخر يبقى رغم ملفه الجنائي… لأن العدالة تحب أن تذكرنا دائمًا بأن التفاصيل الصغيرة تصنع الفرق.
قانون الطرد قيد المراجعة… والآتي قد لا يشبه الماضي
في خطوة تُظهر أن النقاش لا يزال مفتوحًا، أطلقت الحكومة السويدية العام الماضي تحقيقًا موسعًا لإعادة النظر في قوانين الطرد، بهدف الوصول إلى “تشريعات أكثر صرامة” تسمح بطرد عدد أكبر من المدانين الأجانب. نتائج هذا التحقيق ستُعلَن في مايو، وقد تعيد تعريف ما يعنيه أن تكون مقيمًا دائمًا.
المصدر: SVT