دال ميديا: في عالم الأثرياء، هناك من يُعرف بكرمه الفاحش، وهناك من يُعرف بحرصه الشديد، ولكن أن تصل درجة البخل إلى رفض دفع الفدية لإنقاذ حفيدك من الخاطفين، فهذا ما جعل الملياردير الأمريكي جان بول جيتي يُلقّب بأبخل رجل في التاريخ!
رجل الأعمال الأسطوري والبخيل الشهير
كان جان بول جيتي أحد أثرى رجال الأعمال في القرن العشرين، حيث أسّس شركة “Getty Oil” وجمع ثروة هائلة جعلته في مقدمة قائمة الأثرياء. لكن رغم ثرائه الفاحش، كان مشهورًا ببخله الشديد، لدرجة أنه وضع هاتفًا يعمل بالنقود المعدنية في قصره الضخم في إنجلترا، حتى لا يتحمل تكاليف مكالمات ضيوفه!
لكن القصة التي جعلته يدخل التاريخ كأبخل رجل في العالم كانت عندما تم اختطاف حفيده جون بول جيتي الثالث، فبدلاً من أن يهرع لإنقاذه، بدأ في مساومة الخاطفين كما لو كان يفاوض على صفقة نفط!
الاختطاف المرعب في شوارع روما
في 10 يوليو 1973، كان الشاب جون بول جيتي الثالث، حفيد الملياردير، يعيش حياة مرفهة وصاخبة في شوارع روما، حيث كان يعرف بتصرفاته المتهورة وشخصيته الجريئة. لكن تلك الحياة تغيرت جذريًا عندما اختطفته عصابة إيطالية واحتجزته في مكان مجهول، مطالبةً بفدية ضخمة قدرها 17 مليون دولار.
عندما تلقى جان بول جيتي الجد اتصالًا من الخاطفين، كان رده صادمًا:
“إذا دفعت الآن، فسيتم اختطاف بقية أحفادي أيضًا!”
رفض جيتي دفع أي مبلغ، متهمًا حفيده بأنه ربما يكون قد دبّر الاختطاف بنفسه ليحصل على المال!
صبر الخاطفين ينفد وقرار صادم
مع مرور الأشهر دون أن يحصل الخاطفون على الفدية، بدأ صبرهم ينفد. وفي خطوة مروعة، قرروا قطع أذن الحفيد وإرسالها عبر البريد إلى صحيفة إيطالية، كتحذير نهائي! الرسالة التي رافقت الأذن كانت مرعبة:
“إذا لم تدفعوا، سنرسل الجزء الآخر قريبًا!”
عندها، ومع تصاعد الضغوط الإعلامية، قرر جيتي التفاوض أخيرًا على الفدية، لكن ليس قبل أن يُظهر مجددًا مدى بخله الشديد.
المساومة على حياة حفيده!
بعد مفاوضات طويلة، استطاع جيتي تخفيض المبلغ إلى 3 ملايين دولار فقط بدلًا من 17 مليونًا. لكنه لم يدفع المبلغ كاملًا من ثروته الشخصية، بل وافق على دفع 2.2 مليون دولار فقط، وهو الحد الأقصى الذي يسمح له بالحصول على إعفاء ضريبي! أما المبلغ المتبقي 800 ألف دولار، فقد أقرضه لابنه – والد المخطوف – ولكن بفائدة 4%!
بعد استلام الفدية، أطلق الخاطفون سراح جون بول جيتي الثالث في ديسمبر 1973، بعد خمسة أشهر من الجحيم، حيث عانى من التعذيب والجوع والخوف. لكن حياته لم تعد كما كانت أبدًا.
نهاية مأساوية لحفيد الملياردير
رغم نجاته، لم يستطع جون بول جيتي الثالث تجاوز آثار الاختطاف. أصبح يعاني من اضطرابات نفسية، واتجه لاحقًا إلى الإدمان على المخدرات، مما أدى إلى إصابته بجلطة دماغية تركته مشلولًا وغير قادر على التحدث لبقية حياته، حتى وفاته عام 2011.
نهاية جيتي… والمفارقة العجيبة
أما الملياردير العجوز، فقد توفي عام 1976 بثروة تقدّر بـ 6 مليارات دولار، لكنه لم يترك معظمها لعائلته، بل ذهب جزء كبير منها إلى متحف جيتي في لوس أنجلوس، ليبقى اسمه مرتبطًا بالفن، وليس بالعائلة التي لم يكن يبالي بها.
تظل قصة جان بول جيتي مثالًا على أن المال قد يشتري كل شيء… إلا الإنسانية!