لعبة السلطة في تركيا: هل يوظف أردوغان حوار السلام مع الكرد لتصفية المعارضة؟

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. صورة ارشيفية

دال ميديا: في مشهد سياسي مضطرب قد يُغيّر مستقبل تركيا، تبرز قضيتان تشغلان الرأي العام: من جهة، حوار السلام مع حزب العمال الكردستاني (PKK)، ومن جهة أخرى، اعتقال السياسي المعارض أكرم إمام أوغلو. ما بين الأمل في إنهاء صراع دام لعقود، ومخاوف من تصعيد قمعي ضد المعارضة، تبدو تركيا على مفترق طرق حقيقي.

حوار السلام: خطوة نحو المصالحة أم مناورة سياسية؟

من داخل زنزانته، دعا عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل، إلى إلقاء السلاح، مما أثار جدلاً واسعاً بين التفاؤل والحذر. هذه الدعوة، التي رحّب بها الرئيس رجب طيب أردوغان، تأتي في وقت تتصاعد فيه الأصوات الدولية المطالبة بإنهاء الصراع الطويل. لكن السؤال المطروح: هل هذه الخطوة تعكس نية حقيقية لتحقيق السلام أم أنها مجرد مناورة سياسية تهدف إلى تعزيز سلطة أردوغان؟

يرى مراقبون أن الرئيس التركي يسعى إلى الاستفادة من هذه الدعوة لتحسين صورته على الصعيد الدولي، لا سيما بعد الضغوط المتزايدة بشأن حقوق الإنسان. يتحدث أردوغان عن “تركيا جديدة خالية من الإرهاب”، لكن الواقع يحمل تساؤلات حول التنازلات المحتملة التي يمكن أن يقدمها للجانب الكردي. تُطرح أيضاً فكرة تعزيز حقوق الأكراد، وربما تعديلات دستورية يمكن أن تمنح الأقلية الكردية مساحة أكبر في المشهد السياسي.

قمع المعارضة: إمام أوغلو في قبضة السلطة

في الجانب الآخر من المشهد، لا يزال اعتقال أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، يثير غضب الشارع التركي. يُتهم إمام أوغلو بالفساد والتعاون مع حزب العمال الكردستاني، لكن المعارضة تصف القضية بأنها مؤامرة سياسية تهدف إلى تحييد خصم قوي قبيل الانتخابات القادمة.

في حديث مع التلفزيون السويدي (SVT)، يقول المحلل السياسي غوران فالك:

“اعتقال إمام أوغلو ليس مجرد حادثة قضائية، بل هو جزء من استراتيجية أردوغان لإحكام السيطرة السياسية. إنه يستخدم ورقة الحوار مع الأكراد كستار لحملة قمع واسعة النطاق ضد المعارضة.”

تفاعل شعبي واحتجاجات متصاعدة

اندلعت مظاهرات حاشدة في عدة مدن تركية، مستعيدة ذكريات احتجاجات غيزي 2013. يرى العديد من المعارضين أن توقيت اعتقال إمام أوغلو ليس مجرد صدفة، بل خطوة محسوبة لخلق انقسام بين صفوف المعارضة.

وفي هذا السياق، تجد الأحزاب المعارضة نفسها أمام معضلة كبرى: هل تدعم عملية السلام التي تطرحها الحكومة وتخاطر بتقديم تنازلات؟ أم ترفض هذه المبادرة وتواجه اتهامات بتعطيل الحوار؟

لعبة توازن دقيقة

تركيا اليوم في حالة توازن دقيقة. فمن جهة، يريد أردوغان تعزيز دوره كرجل سلام دولي. ومن جهة أخرى، يواصل إسكات المعارضين لضمان بقائه في السلطة. بينما يترقب الشعب التركي بحذر، تبدو الأشهر المقبلة حاسمة في تحديد مسار البلاد.

أردوغان بين صورتين: رجل السلام والقائد السلطوي

إن كان أردوغان يأمل في تقديم نفسه على أنه رجل سلام على الساحة الدولية، فإن تصعيده ضد المعارضة يكشف تناقضاً واضحاً في استراتيجيته. هل سينجح في الجمع بين مصالحة الأكراد وإحكام قبضته على السلطة؟ أم أن التوترات الداخلية ستقود إلى تصعيد جديد يهدد استقرار البلاد؟

تركيا على مفترق طرق، وما ستؤول إليه الأمور يعتمد على قدرة المعارضة على توحيد صفوفها، وقدرة أردوغان على إقناع المجتمع الدولي بأن خطواته تمثل حقاً طريقاً للسلام، وليس مجرد مناورة سياسية.

المصدر: SVT

المزيد من المواضيع