مفاوضات خلف الكواليس: ما الذي تريده أمريكا من سوريا مقابل كسر طوق العقوبات؟

شروط أمريكية للقيادة السورية المؤقتة. © عمر الحاج قدور/وكالة الصحافة الفرنسية

دال ميديا: كشفت وكالة رويترز، في تقرير خاص نُشر يوم الاثنين 25 مارس 2025، أن الولايات المتحدة قدّمت لدمشق قائمة سرية من الشروط السياسية والأمنية مقابل منح تخفيف جزئي للعقوبات المفروضة على سوريا، وذلك خلال أول تواصل مباشر رفيع المستوى بين البلدين منذ سنوات.

ووفقًا لما نقلته رويترز عن ستة مصادر مطلعة (بينهم مسؤولان أمريكيان، مصدر سوري، دبلوماسي إقليمي، واثنان من واشنطن)، فإن القائمة تم تسليمها في اجتماع خاص وسري بين ناتاشا فرانشيسكي، نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون بلاد الشام وسوريا، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، على هامش مؤتمر بروكسل للمانحين بشأن سوريا الذي انعقد في 18 مارس الجاري.

شروط أمريكية صريحة: أسلحة كيميائية ومقاتلون أجانب

أفادت المصادر أن من بين الشروط الأساسية التي طرحتها الولايات المتحدة على دمشق:

  • تدمير جميع ما تبقى من مخزونات الأسلحة الكيميائية بشكل نهائي وخاضع للتحقق.

  • التعاون الكامل مع واشنطن في جهود مكافحة الإرهاب، بما يشمل تبادل معلومات استخباراتية.

  • ضمان عدم تولي أي مقاتلين أجانب مناصب قيادية داخل مؤسسات الدولة أو الحكومة السورية.

كما تضمنت المطالب الأمريكية بندًا حساسًا يتعلق بمصير الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس، الذي اختفى في سوريا عام 2012، حيث طلبت واشنطن من دمشق تعيين ضابط اتصال خاص للمساعدة في تحديد موقعه وإنهاء القضية، التي لا تزال أحد الملفات العالقة في العلاقات بين البلدين منذ أكثر من عقد.

لا جدول زمني… ولا ضمانات

بحسب ما أكدته رويترز، فإن واشنطن لم تقدّم جدولًا زمنيًا واضحًا لتنفيذ هذه الشروط، كما أنها لم توضح بدقة نوع التخفيف الجزئي الذي ستمنحه لسوريا في حال التزامها بالمطالب. غير أن جميع المصادر أكدت أن تخفيف العقوبات مشروط بتنفيذ كل ما ورد في القائمة دون استثناء.

ونقلت الوكالة عن أحد المسؤولين الأمريكيين قوله: “نحن نتابع عن كثب تصرفات الحكومة السورية الجديدة، وسنحدد موقفنا من العقوبات بناءً على أدائها”.

أزمة اقتصادية تخنق السوريين… والآمال على العقوبات

تأتي هذه التطورات في وقت تمر فيه سوريا بأزمة اقتصادية خانقة، مع دخول الحرب عامها الرابع عشر، حيث لا تزال البلاد تخضع لعقوبات أمريكية وأوروبية صارمة تشمل مسؤولين، كيانات مصرفية، وقطاعات حيوية مثل الطاقة والبنية التحتية.

ورغم إصدار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير الماضي ترخيصًا عامًا مدته 6 أشهر لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى سوريا، فإن هذه الخطوة لم تكن كافية، إذ فشلت دولة قطر في تمرير مساعدات مالية ورواتب للقطاع العام السوري عبر البنك المركزي بسبب استمرار العقوبات.

النظام الجديد في دمشق يطالب برفع كامل للعقوبات

من جانبه، طالب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، والرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، برفع كامل وغير مشروط للعقوبات، معتبرين أن إبقاءها بعد سقوط بشار الأسد في ديسمبر 2024 إثر هجوم مباغت للمعارضة، هو “أمر غير عادل ويعيق إعادة الإعمار”.

موقف أمريكي حذر… ومطالبات بحكومة مدنية شاملة

المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، أكدت في مؤتمر صحفي أن إدارة ترامب “تراقب سلوك الحكومة السورية المؤقتة عن كثب” وهي بصدد مراجعة سياستها تجاه سوريا، لكنها ألمحت إلى أن تخفيف العقوبات ليس وشيكًا.

وقالت بروس: “نواصل الدعوة إلى تشكيل حكومة مدنية، تمثيلية، وفعالة تضم جميع الأطراف السورية”.

وبينما تتواصل المفاوضات خلف الأبواب المغلقة، تبقى الأسئلة الكبرى معلقة: هل تسعى واشنطن فعلاً إلى إنهاء عزل سوريا دبلوماسيًا؟ وهل يمكن لنظام سياسي جديد في دمشق أن يلبّي الشروط الأمريكية الصعبة دون أن يُفقد شرعيته داخليًا؟

المزيد من المواضيع