أصبحت قضية البقشيش (الدفع الإضافي) محل نقاش واسع في السويد، حيث ظهرت توجهات جديدة في السنوات الأخيرة، تزامنت مع إدخال أجهزة الدفع الإلكتروني الحديثة التي تعرض على العملاء دفع نسبة إضافية بشكل تلقائي عند تسديد فواتيرهم في المقاهي والمطاعم. وترى بعض الشخصيات العامة أن هذا التوجه، الذي يعرض خيارات دفع مبرمجة تتراوح بين 5% و10% وأكثر، يُشعر العملاء بنوع من الضغط ويُعتبر سلوكًا “غير لائق” في ثقافة السويد.
وفي هذا السياق، تقول إيبا فون ميكلنبورغ، خبيرة آداب السلوك والأعراف الاجتماعية، إن إدخال هذه الأجهزة قد ساهم في تغيير معايير الدفع الإضافي في السويد. وتضيف ميكلنبورغ، التي شغلت سابقًا منصبًا رسميًا في قصر ستوكهولم، “أعتقد أن إجبار الناس على دفع بقشيش عن طريق خيارات الدفع يُعد سلوكًا غير مناسب”، مشيرة إلى أن هذه الثقافة ليست متأصلة في المجتمع السويدي.
“ثقافة أمريكية في بيئة سويدية”
يرى العديد من المراقبين أن ثقافة البقشيش في السويد بدأت تتأثر بالنموذج الأمريكي، حيث تُعتبر هذه الإكرامية جزءًا أساسيًا من رواتب العاملين في قطاع الخدمات. وقد أشار يوهان أوكسون، المحلل الثقافي، في مقابلة مع صحيفة داغينز نيهيتر (DN) إلى أن “ثقافة البقشيش في السويد أصبحت متأمركة”، ويتساءل عما إذا كان من الملائم أن يطلب من العملاء بقشيش عند طلب مشروب أو خدمة بسيطة.
وتعتبر ميكلنبورغ أن الدفع الإضافي يجب أن يكون مقتصرًا على حالات محددة، مثل تلقي خدمة استثنائية من العاملين، حيث تقول: “إذا قدم لي النادل خدمة خاصة أو ساعدني في اختيار طاولة مريحة، فإن تقديم البقشيش يكون منطقيًا. ولكن إذا كان كل ما يفعله هو تحصيل الفاتورة فقط، فما المبرر لتقديم البقشيش؟”.
ضغوط على العملاء وزيادة في الأرباح
مع إدخال أجهزة الدفع الإلكترونية، بدأ العديد من العملاء يشعرون بأنهم مضطرون لدفع البقشيش حتى في الحالات التي لا تتطلب ذلك. وتوضح ميكلنبورغ: “هناك شعور بالضغط على العملاء، فهم يرون الخيار على الشاشة ويشعرون بأنهم مجبرون على دفعه”.
وأفاد أحد مصنعي أجهزة الدفع، الذين يشهدون نموًا كبيرًا في هذا القطاع، بأن المطاعم تضاعفت أرباحها من البقشيش منذ إدخال النظام الجديد. ومع ذلك، يرى بعض أصحاب المطاعم أن تأثير النظام ليس إيجابيًا تمامًا، حيث أشار بعضهم إلى انخفاض نسبة البقشيش المدفوعة.
نظرة تاريخية وتباين في الآراء
ثقافة البقشيش في السويد تختلف عن ثقافتها في الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا، حيث يعتبر دفع البقشيش جزءًا لا يتجزأ من الخدمة في قطاعات مثل الحلاقة والفنادق. وتشير ميكلنبورغ إلى أن هذه التقاليد غير شائعة في السويد، إذ كانت عادةً تقتصر على دفع إكرامية بسيطة عند تلقي خدمة استثنائية فقط.
وتعتبر ميكلنبورغ أنه إذا كان البقشيش جزءًا من رواتب العاملين في القطاع، فلن تكون لديها أي اعتراضات، لكنها ترى أن الوضع الحالي يشجع العملاء على دفع مبالغ إضافية قد لا تكون مبررة دائمًا، وتضيف: “أرى أن هذه الممارسة تُعد استغلالاً للعملاء. إنه أمر غريب ومزعج”.
وبالنظر إلى هذا الجدل المتصاعد، لا يزال السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت ثقافة البقشيش ستظل خيارًا اختياريًا في السويد، أم أنها ستصبح جزءًا أساسيًا من تجربة تناول الطعام، كما هو الحال في العديد من الدول الأخرى.
المصدر: tv4