أوروبا: يدخل الاتحاد الأوروبي عام 2025 محملاً بتحديات كبرى تهدد استقراره، من استمرار دعم أوكرانيا ضد الغزو الروسي إلى التوترات التجارية مع الصين والولايات المتحدة، وسط أزمات داخلية مرتبطة بالديون والاقتصاد الراكد في أبرز دوله. كيف ستواجه بروكسل هذا العام الحافل بالتحديات؟
دعم أوكرانيا: المعضلة الأولى في مواجهة موسكو وترامب
يواصل الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدات مالية وعسكرية كبيرة لأوكرانيا التي تواجه العدوان الروسي، بواقع 1.5 مليار يورو شهريًا من ميزانيته. كما خصصت مجموعة السبع قرضًا بقيمة 50 مليار يورو، بتمويل من الأصول الروسية المجمدة.
ومع احتمال عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للبيت الأبيض وتهديداته بخفض الدعم العسكري الأمريكي، تواجه أوروبا ضغوطًا متزايدة لتحمل مسؤولية أكبر في دعم كييف.
رغم هذه الجهود، لا تزال هناك تساؤلات في بروكسل حول مدى قدرة الاتحاد على الاستمرار في الدعم إذا انسحبت الولايات المتحدة من الالتزامات السابقة، مما يعكس قلقًا عميقًا داخل الأروقة السياسية الأوروبية.
تعزيز القدرات الدفاعية: هل يتحمل الاتحاد عبء المواجهة مع روسيا؟
إلى جانب دعم أوكرانيا، يسعى الاتحاد الأوروبي لتحصين نفسه ضد أي تهديدات روسية. تم تعيين أندريوس كوبيليوس كأول مفوض أوروبي لشؤون الدفاع والفضاء، بهدف تحسين تنسيق سياسات التسليح بين الدول الأعضاء.
لكن الواقع الاقتصادي يفرض قيودًا كبيرة؛ فميزانيات الدفاع في العديد من الدول مثل ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا تعاني من عجز كبير يصل إلى مئات المليارات من اليوروهات، مما يضع الاتحاد أمام اختبار صعب فيما يتعلق بالقدرة على تمويل متطلبات الدفاع دون اللجوء إلى ديون جديدة.
أزمة الديون: هل تتجه أوروبا نحو أزمة اقتصادية أعمق؟
يمثل تمويل الإنفاق العسكري والانتقال الأخضر ودعم عمليات إعادة الإعمار في غزة ولبنان وسوريا عبئًا إضافيًا على ميزانيات الدول الأوروبية.
ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، قدّر الحاجة لاستثمارات بنحو 800 مليار يورو، مشددًا على ضرورة إصدار ديون مشتركة لتمويل هذه المشاريع.
لكن عدة دول، مثل فرنسا وإيطاليا، تخضع بالفعل لإجراءات “العجز المفرط” بسبب تجاوز حدود الديون، بينما تواجه ألمانيا عوائق سياسية تعطل أي قرارات مالية مهمة في الوقت الحالي.
أزمة تجارية وشيكة مع الصين والولايات المتحدة؟
على الصعيد التجاري، يلوح عام 2025 بتوترات خطيرة، لا سيما مع التهديدات بفرض رسوم جمركية أمريكية عقابية على الواردات الأوروبية والصينية، ما قد يشعل حربًا تجارية عالمية.
مفوض الشؤون الاقتصادية الأوروبي فالديس دومبروفسكيس أكد أن التعريفات الجمركية ستضر بالاقتصاد العالمي، متوقعًا أن تؤدي إلى خسائر تصل إلى 7% من الناتج الاقتصادي العالمي، مما يذكر بفترة الكساد الكبير في الثلاثينيات.
وفي الوقت ذاته، لا تزال اتفاقية التجارة الحرة مع تكتل “ميركوسور” في أمريكا الجنوبية بحاجة إلى تصديق رسمي، ما يضيف المزيد من التعقيد للمشهد التجاري الأوروبي.
تصدعات داخلية تهدد تماسك الاتحاد
سياسياً، يواجه الاتحاد صعوبات في الحفاظ على وحدته، حيث تسود الانقسامات بين الدول الأعضاء. فبين حكومة يمينية متطرفة في إيطاليا، وأزمات سياسية في ألمانيا وفرنسا، وصعود التيارات الشعبوية في دول مثل المجر وهولندا، يبدو أن الاتحاد يواجه أزمة قيادة حقيقية.
الخبير الأوروبي يانيس إيمانويليديس حذر من أن الاتحاد لم يعد قادرًا على تقديم حلول موحدة، محذرًا من أن هذه الانقسامات قد تعرقل القرارات المصيرية.
2025: عام حاسم لأوروبا أم بداية تفكك؟
بين الضغوط العسكرية والمالية والسياسية، يبدو أن عام 2025 سيكون حاسمًا في تحديد مستقبل الاتحاد الأوروبي. هل ستنجح بروكسل في إعادة ترتيب أوراقها وتقديم رؤية موحدة لمواجهة التحديات، أم سيكون هذا العام بداية لانقسامات أعمق تهدد استقرار القارة؟
المصدر: وكالات – دال ميديا