المملكة المتحدة: تشهد بريطانيا تصاعدًا مقلقًا في استهداف عصابات المخدرات للفتيات المراهقات والنساء الشابات، حيث باتت تلك العصابات تستخدم أساليب استدراج أكثر تطورًا، من بينها عروض خدمات تجميل مثل حقن البوتوكس وحشوات الشفاه والرموش الصناعية، لإقناعهن بالمشاركة في أنشطة غير قانونية، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة The Independent.
أساليب جديدة لاستدراج الفتيات
في العديد من الحالات التي تم توثيقها في منطقة West Midlands، لجأت العصابات إلى تقديم جلسات تجميل مدفوعة بالكامل لإغراء الفتيات بالمشاركة في تهريب المخدرات والأسلحة. كما شهدت بعض الحالات استغلال الأمهات الشابات لنقل المخدرات والأسلحة في عربات الأطفال، لتجنب لفت الانتباه من قبل الشرطة.
وصرحت جايد هيبيرت، ممثلة منظمة St Giles Trust، المعنية بدعم الفئات المستضعفة:
“نشهد تحولًا كبيرًا في طرق الاستغلال، حيث أصبحت الفتيات هدفًا رئيسيًا للعصابات. يتم إغواؤهن من خلال تقديم خدمات تجميل فاخرة، بدلاً من الإغراء التقليدي عبر الملابس أو الحقائب المصممة.”
استغلال صعب الرصد
رغم تزايد الحالات، تبقى العديد من الفتيات غير مرئيات للسلطات بسبب القوالب النمطية الجنسانية، حيث يُنظر إليهن على أنهن أقل عرضة للتورط في الجريمة مقارنة بالفتيان. إلا أن الخبراء يؤكدون أن الفتيات يشكلن فئة أكثر قيمة لدى العصابات لكونهن أقل استهدافًا من قبل أجهزة إنفاذ القانون.
يُطلق على هذه الطريقة في التجنيد اسم “نموذج الصديق” (The Boyfriend Model)، حيث يتم التلاعب بالفتيات عبر علاقات عاطفية مع أعضاء العصابة، وأحيانًا تصل الأمور إلى السيطرة على منازلهن لاستخدامها كنقاط لتوزيع المخدرات في ممارسة تُعرف باسم “cuckooing”.
أرقام صادمة ونقص في البيانات
وفقًا لتقرير مشترك صادر عن لجنة الشباب في بريطانيا وجامعة Manchester Metropolitan في عام 2023، يُعتقد أن ما يصل إلى 60,000 فتاة في إنجلترا عرضة للعنف المرتبط بالعصابات، رغم أن معظم البرامج الوقائية تركز على الفتيان.
أوضح التقرير أن ضعف الوعي وغياب البيانات الموثوقة يمثلان عقبة رئيسية أمام كشف حجم المشكلة. في بعض الحالات، يتم اعتقال الفتيات واعتبارهن متورطات في الجرائم بدلًا من الاعتراف بهن كضحايا للاستغلال.
مطالب بتغيير النهج الأمني
في إحدى الحوادث، تم اعتقال فتاة شابة لبيعها المخدرات، وعند اكتشاف جنسها، وصفها أحد الضباط بأنها “رائدة أعمال موهوبة”. هذا السلوك، بحسب خبراء، يعكس خللًا جوهريًا في كيفية تعامل السلطات مع الفتيات المستهدفات من قبل العصابات.
حذرت منظمات خيرية مثل Catch22 من أن عدم تدريب الشرطة بشكل كافٍ على التعرف على حالات الاستغلال ضمن عصابات المخدرات، يترك العديد من الفتيات خارج إطار الحماية القانونية المناسبة.
خطوات لمكافحة الظاهرة
استجابةً لتزايد عدد الحالات، أطلقت St Giles Trust خدمة مخصصة للفتيات فقط في Wolverhampton، تعمل بالتعاون مع كافة مستشفيات الطوارئ في West Midlands، حيث يتم توفير مرشدات خاصات لمرافقة الفتيات اللاتي تم إنقاذهن.
منذ إطلاق برنامج Home Office County Lines في عام 2019، تم إغلاق أكثر من 5,000 خط لتوزيع المخدرات، مع التركيز بشكل أساسي على الكوكايين والهيروين.
تحذيرات واستنتاجات مقلقة
رغم الجهود المبذولة، أشار تقرير المجلس الوطني لرؤساء الشرطة (NPCC) في مارس 2024 إلى أن دور النساء والفتيات في أنشطة County Lines لا يزال غير موثق بالكامل، مما يمثل فجوة كبيرة في فهم هذه الظاهرة.
وجاء في التقرير: “التحيزات الجندرية، بما في ذلك التحيز اللاواعي، قد تجعل الفتيات أقل تفاعلًا مع الشرطة، مما يزيد من خطر استغلالهن بسبب نقص التدخل المبكر.”
تبقى هذه القضية واحدة من أكبر التحديات الأمنية والاجتماعية التي تواجهها بريطانيا، وتتطلب مزيدًا من الوعي المجتمعي، والجهود التشريعية، والتدريب المتخصص للسلطات لتقديم حماية أفضل للضحايا ومنع المزيد من عمليات الاستغلال.
تهدف هذه العصابات إلى إقناع الفتيات بالقيام بمهام غير قانونية، مثل نقل الأسلحة والمخدرات، مقابل تلك الامتيازات الجمالية، في تحول واضح عن الأساليب التقليدية التي كانت تعتمد على إغراء الشباب بالملابس الفاخرة والمقتنيات الثمينة.
استغلال واستهداف محدد
تقول جايد هيبيرت، من منظمة St Giles Trust التي تقدم الدعم للفئات المستضعفة:
“يتم استغلالهن عبر هذه الإغراءات التجميلية، مما يتركهن أكثر عرضة للخطر دون إدراك حجم المخاطر التي يواجهونها.”
تمامًا كما هو الحال في السويد، تعتبر العصابات البريطانية الفتيات أكثر قيمة في بعض العمليات الإجرامية، حيث يُنظر إليهن كأقل عرضة للاشتباه من قبل الشرطة مقارنةً بالشبان في نفس الفئة العمرية.
تزايد القلق المجتمعي
يثير هذا الاتجاه الجديد قلق المنظمات الحقوقية والجهات الأمنية، حيث يُسلط الضوء على الحاجة الملحة لتعزيز الوعي المجتمعي حول مخاطر هذه الأساليب الخادعة، والعمل على حماية الفتيات المستهدفات من الوقوع ضحايا للابتزاز والاستغلال الإجرامي.