بعد إعلان اتفاق غزة: كل طرف ينسب الفضل لنفسه.. وحماس تعلن “النصر”! لكن هل انتصرت حقًا؟

لوحة من انقاض غزة. Photograph: Ibraheem Abu Mustafa/Reuters

دال ميديا: في أعقاب الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تصاعدت التصريحات من مختلف الأطراف الوسيطة التي شاركت في المفاوضات، حيث نسب كل منها الفضل لنفسه في التوصل إلى هذا الاتفاق. وبينما أعلن قادة قطر، الولايات المتحدة، ومصر نجاح الوساطة، خرجت حركة حماسببيان وصف الاتفاق بأنه “إنجاز تاريخي للمقاومة”، مما أثار تساؤلات حول حقيقة هذا “النصر” في ظل الخسائر الجسيمة التي تكبدتها الحركة.

تصريحات متناقضة: كل وسيط يعلن الفضل لنفسه

في مؤتمر صحفي عُقد في الدوحة، أعلن رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن الاتفاق جاء نتيجة “جهود دبلوماسية مكثفة” قامت بها قطر بالتعاون مع الولايات المتحدة ومصر.
“يسعدنا أن نعلن أن الطرفين توصلا إلى اتفاق تاريخي ينهي هذه الجولة من الصراع ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار”، قال آل ثاني.

من جانبه، اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن أن الاتفاق هو ثمرة دبلوماسية أميركية حثيثة، قائلاً:
“لقد عملنا بلا كلل لتخفيف التصعيد وضمان حماية المدنيين. هذا الاتفاق يعكس التزامنا المستمر بدعم السلام في المنطقة.”

وفي السياق نفسه، شددت مصر على “دورها المحوري” في تحقيق الاتفاق، حيث أكد وزير الخارجية المصري أن القاهرة نجحت في تقريب وجهات النظر وضمان الالتزام بتفاصيل الاتفاق.

حماس تعلن النصر: بين الواقع والدعاية

أما حركة حماس، فقد وصفت الاتفاق بأنه “محطة فاصلة في الصراع مع الاحتلال”.
قالت الحركة في بيانها:
“هذا الاتفاق إنجاز لشعبنا ومقاومتنا وأمتنا، ويعكس صمود غزة أمام العدوان الإسرائيلي.”

لكن على أرض الواقع، تبدو الصورة أكثر تعقيدًا. فقد تعرضت الحركة لضربات موجعة خلال الصراع، حيث فقدت العديد من قادتها وعناصرها، ودمرت بنيتها التحتية العسكرية بشكل كبير. كما أشارت التقارير إلى مقتل آلاف المدنيين الأبرياء وتشريد الآلاف، في حين يعاني سكان غزة من أزمة إنسانية غير مسبوقة.

خسائر فادحة: هل يمكن وصفها بالنصر؟

مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، تتكشف أرقام الخسائر التي لا يمكن التغاضي عنها.

  • الضحايا: وفقًا لتقارير وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، بلغ عدد القتلى الفلسطينيين منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي على القطاع في 7 أكتوبر 2023 أكثر من 43,552 قتيلًا، بالإضافة إلى 102,765 جريحًا.
  • الخسائر العسكرية: فقدت حماس العديد من قادتها البارزين، إلى جانب تدمير شبكات الأنفاق التي كانت تعتبر العمود الفقري لعملياتها.
  • الأزمة الإنسانية: دُمرت أحياء بأكملها، مما ترك عشرات الآلاف بلا مأوى، في حين تعاني المستشفيات من نقص حاد في الموارد.

إعلان النصر: رسالة صمود أم محاولة لحفظ ماء الوجه؟

يرى محللون أن إعلان حماس للنصر هو جزء من حرب دعائية تهدف إلى تعزيز موقفها في الداخل الفلسطيني ورفع المعنويات بين أنصارها.
لكن الواقع يشير إلى أن الحركة خرجت من هذا الصراع منهكة، مع تراجع واضح في قدراتها العسكرية والسياسية.

ما بعد الاتفاق: سلام دائم أم هدنة مؤقتة؟

الاتفاق الذي تم التوصل إليه ينص على وقف لإطلاق النار لمدة 42 يومًا، يتخلله انسحاب إسرائيلي من المناطق المكتظة بالسكان وتبادل للأسرى. لكن التفاصيل حول المراحل اللاحقة تبقى غامضة، مما يثير تساؤلات حول مدى استدامة هذا الاتفاق.

وفي الوقت الذي ينسب فيه كل طرف الفضل لنفسه في تحقيق الاتفاق، يبقى السؤال: هل يمكن اعتبار ما حدث نصرًا حقيقيًا لحماس، أم أن الخسائر التي تكبدتها الحركة وشعب غزة تجعل من الصعب تبرير هذا الادعاء؟

الإجابة قد تتضح في الأسابيع القادمة، مع بدء تنفيذ بنود الاتفاق، ومع استمرار سكان غزة في مواجهة تداعيات صراع طويل الأمد.

المزيد من المواضيع