دال ميديا: دخل قانون حظر تغطية الوجه في الأماكن العامة، المعروف إعلاميًا بـ”حظر النقاب”، حيز التنفيذ رسميًا في سويسرا مع بداية 1 يناير 2025، ما أثار موجة واسعة من الجدل داخل وخارج البلاد حول تداعيات القرار على الحريات الدينية وحقوق المرأة.
تفاصيل القانون: عقوبات مالية وقيود صارمة
وفقًا للقانون الجديد، يُحظر تغطية الوجه بالكامل في جميع الأماكن العامة، سواء كان ذلك في المواصلات العامة، الشوارع، المتاجر، أو المباني الحكومية. تشمل العقوبات المفروضة غرامة تصل إلى 1000 فرنك سويسري (حوالي 1143 دولار أمريكي).
لكن القانون لم يكن مطلقًا، حيث سمح ببعض الاستثناءات تشمل:
- الأغراض الطبية: مثل ارتداء الكمامات الطبية أثناء الجوائح الصحية.
- الظروف المناخية: خلال البرد القارس.
- الاحتفالات الثقافية والدينية: مثل ارتداء الأزياء التقليدية في المناسبات.
- العروض الفنية والإعلانية: بما في ذلك التمثيل والعروض المسرحية.
- المتطلبات الأمنية: مثل ارتداء الأقنعة في التظاهرات بعد موافقة السلطات.
خلفية القرار: حملة يمينية وانقسام سياسي
تعود جذور هذا الحظر إلى مبادرة أطلقها حزب الشعب السويسري اليميني (SVP)، المعروف بمواقفه المناهضة للهجرة والإسلام السياسي. في مارس 2021، وافق 51.2% من الناخبين السويسريين على الحظر، ضمن استفتاء وطني، حيث كانت الحملة تحت شعار “أوقفوا التطرف”، دون ذكر الإسلام بشكل مباشر.
إلا أن دراسة أجرتها جامعة لوسيرن كشفت أن النقاب والبرقع نادران جدًا في سويسرا، حيث لا ترتديه إلا حوالي 30 امرأة فقط من أصل 8.6 مليون نسمة. المسلمون في سويسرا يشكلون حوالي 5% من السكان، معظمهم من تركيا والبوسنة وكوسوفو.
ردود الفعل والانتقادات المتزايدة
أثار القانون موجة انتقادات محلية ودولية حادة، خصوصًا من المنظمات الحقوقية والجمعيات الإسلامية.
- المجلس المركزي للمسلمين في سويسرا وصف القانون بأنه:
“يوم أسود للمسلمين، يكرّس الإقصاء والتمييز ضد أقلية دينية.”
- منظمة العفو الدولية انتقدت القرار بلهجة حادة:
“إنه انتهاك خطير لحقوق المرأة، خاصة حرية التعبير والمعتقد الديني.”
حتى بعض الأحزاب السياسية المعارضة اعتبرت الحظر جزءًا من توجه متطرف يهدف إلى شيطنة الأقليات، دون أن يكون له أساس حقيقي مرتبط بالأمن أو السلامة العامة.
تداعيات سياسية واجتماعية خطيرة؟
تجاوز الجدل مجرد انتقاد القانون، حيث بدأ يؤثر على التماسك الاجتماعي داخل سويسرا، حيث عبّر بعض الناشطين عن قلقهم من أن القرار قد يؤدي إلى:
- زيادة مشاعر الكراهية تجاه الأقليات المسلمة.
- تقييد الحريات الشخصية والتدخل في خصوصيات الأفراد.
- تأجيج الانقسامات الدينية داخل المجتمع السويسري المتعدد الثقافات.
تأثير أوروبي متزايد: هل تصبح سويسرا نموذجًا؟
لا تعتبر سويسرا الدولة الوحيدة التي أقرت مثل هذه القوانين. فقد سبقتها دول أوروبية عدة مثل:
- فرنسا: أول دولة أوروبية تحظر النقاب في 2011.
- النمسا وبلجيكا والدنمارك وبلغاريا: حظر جزئي أو كامل.
- ألمانيا: بعض الولايات حظرت النقاب في المدارس والأماكن العامة.
لكن النهج السويسري أثار قلقًا أكبر بسبب تطبيقه عبر استفتاء شعبي مباشر، ما يعكس تصاعد اليمين المتطرف وتأثيره على السياسة الأوروبية.
خاتمة: بين الأمن والحريات.. معركة مستمرة
يثير القانون السويسري العديد من التساؤلات الجوهرية حول التوازن بين الأمن العام والحريات الفردية.
فهل يمكن أن يكون هذا القرار خطوة حقيقية نحو مكافحة التطرف؟ أم أنه مجرد أداة سياسية تهدف لاستهداف أقلية دينية؟