بين مطالب العدالة والغضب الشعبي: هل تعيد تركيا عقوبة الإعدام بعد مقتل الطفلة نارين؟

Photo: Bilal Seckin/SOPA Images via ZUMA Press Wire/dpa
Photo: Bilal Seckin/SOPA Images via ZUMA Press Wire/dpa

قضية الطفلة نارين غوران هزّت تركيا بشكل عميق، ليس فقط لأنها كشفت عن تفاصيل جريمة مروعة بل لأنها أثارت مطالبات سياسية وشعبية بعودة تطبيق عقوبة الإعدام. بدأت القصة عندما اختفت الطفلة البالغة من العمر ثماني سنوات في 21 أغسطس 2023، أثناء ذهابها لحضور درس تحفيظ القرآن الكريم في قرية “تاوشان تبه” التابعة لولاية ديار بكر. وبعد بحث مكثف دام 19 يومًا، تم العثور على جثتها في 10 سبتمبر 2023، مغلفة في كيس بلاستيكي وملقاة في منطقة وعرة بجوار مجرى مائي، ومغطاة بالأحجار وأغصان الأشجار، مما صدم المجتمع التركي وأثار موجة من الحزن والغضب.

تفاصيل الجريمة:

تشير الفحوصات الأولية إلى أن الطفلة نارين تعرضت للخنق، وكُسرت إحدى ساقيها، فيما كانت جثتها قد قضت قرابة 15 يومًا في الماء، مما صعّب من تحديد الوقت الدقيق للوفاة. التحقيقات ركزت على أفراد عائلتها، وتم اعتقال عمها بعد أن تطابقت عينات الحمض النووي الموجودة على ملابسها مع تلك الموجودة في سيارته. الروايات الإعلامية تُشير إلى أن الجريمة قد تكون مرتبطة بخلافات عائلية معقدة، حيث تزعم بعض التقارير أن العم كان يقيم علاقة غير مشروعة مع زوجة أخيه، وأن نارين كانت شاهدة على هذه العلاقة، مما أدى إلى قتلها لإخفاء السر. تم أيضًا إعادة فتح التحقيق في وفاة شقيقتها الكبرى التي كانت من ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفيت وهي في التاسعة من عمرها تحت ظروف غامضة.

تصاعد المطالب بإعادة عقوبة الإعدام:

مقتل الطفلة أثار ردود فعل غاضبة على المستوى الشعبي والسياسي، مع مطالبات واسعة بإعادة تفعيل عقوبة الإعدام التي أُلغيت في تركيا عام 2003 كجزء من مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي سبق وأن أعلن دعمه لإعادة العقوبة في حالات معينة مثل الإرهاب وجرائم قتل الأطفال، أكد أنه سيتابع شخصيًا الإجراءات القانونية لضمان محاسبة المجرمين. وكانت هذه القضية دافعًا لنواب من حزب السعادة التركي ذي التوجه الإسلامي لاقتراح تشريع يعيد تطبيق الإعدام بضوابط محددة، خصوصًا في جرائم قتل الأطفال.

نائب رئيس حزب السعادة، محمود أريكان، دعا خلال مؤتمر صحفي إلى تقنين عقوبة الإعدام بوضوح للجرائم التي تشمل قتل الأطفال، مشددًا على ضرورة أن تكون هذه العقوبة مقيدة ضمن إطار محدد حتى لا يتم استغلالها سياسيًا.

الغضب الشعبي والاحتجاجات:

الشارع التركي لم يكن صامتًا، حيث نظمت جمعيات نسائية وقفات احتجاجية في عدة مدن، منها ديار بكر وإسطنبول، تنديدًا بالجريمة واحتجاجًا على بطء الإجراءات القانونية. رفع المواطنون صور الطفلة نارين على منصات التواصل الاجتماعي، مع وسم “#نارين” الذي تصدر التريند على منصة “إكس” (تويتر سابقًا). كان من بين الشعارات المرفوعة: “نطالب بالعدالة” و”نارين لن تُنسى”. الحكومة بدورها فرضت حظرًا على نشر المعلومات المتعلقة بالقضية، لكن هذا الحظر رُفع بعد العثور على جثة الطفلة.

خلفية سياسية:

قضية نارين جاءت في وقت يشهد فيه المشهد السياسي التركي اضطرابات، حيث أعلن علي باباجان، رئيس حزب الديمقراطية والتقدم (DEVA)، عن إجراء محادثات اندماج مع حزب المستقبل الذي يقوده أحمد داود أوغلو، وكلاهما خرج من حزب العدالة والتنمية الذي يقوده الرئيس إردوغان. يسعى الحزبان إلى استغلال الغضب الشعبي المتزايد من أداء حكومة إردوغان، خصوصًا في ظل تصاعد المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.

المزيد من المواضيع