وثيقة مسربة تكشف خططًا لإعادة تشكيل ميزانية أوروبا: شروط جديدة وأولويات دفاعية في الأفق

bloomberg
bloomberg

كشفت وثيقة داخلية مسربة عن خطط طموحة للجنة الأوروبية تهدف إلى إعادة تشكيل ميزانية الاتحاد الأوروبي بطريقة غير مسبوقة، من خلال فرض شروط أكثر صرامة على الدول الأعضاء للحصول على الدعم المالي من الاتحاد. التعديلات الجديدة التي تمتد من عام 2028 إلى 2034 تهدف إلى إعادة توجيه الميزانية بعيدًا عن دعم الزراعة نحو مجالات جديدة مثل الدفاع والسياسات الصناعية، في خطوة قد تثير جدلًا واسعًا عندما تبدأ مفاوضات الميزانية العام المقبل.

من المتوقع أن تعرض المفوضية الأوروبية العام المقبل مقترحًا بشأن الميزانية متعددة السنوات للاتحاد الأوروبي، التي ستغطي الفترة من 2028 إلى 2034. وكما أشارت صحيفة “يوروبورتال”، فإن المفوضية المنتظرة، بقيادة البولندي بيوتر سرافين، تلقت توجيهًا لضمان أن ترتبط جميع أموال الدعم الأوروبي بإجراء إصلاحات ملموسة في الدول الأعضاء.

ووفقًا للوثيقة المسربة التي اطلعت عليها صحيفة “بوليتيكو”، فإن المفوضية تعتزم تطبيق شروط أكثر صرامة من تلك التي كانت تُفرض في الميزانيات السابقة لضمان حصول الدول الأعضاء على دعم الاتحاد الأوروبي. وتشير الوثيقة إلى أن حوالي 530 برنامجًا مختلفًا من برامج الاتحاد الأوروبي الحالية سيتم تجميعها في حزمة وطنية لكل دولة عضو، حيث سيكون على هذه الدول تنفيذ إصلاحات محددة من أجل الحصول على التمويل.

تتضمن الإصلاحات المطلوبة تعزيز المساواة بين الجنسين، ودعم الزراعة العضوية، وهو أمر يُظهر رغبة الاتحاد في توجيه الميزانية نحو أولويات اجتماعية وبيئية جديدة. كما تُظهر الوثيقة وجود توجه للتخلي عن النموذج الحالي لدعم الزراعة، الذي يشكل حوالي ثلث ميزانية الاتحاد، وذلك لصالح التركيز على الدفاع والسياسات الصناعية.

وتأتي هذه الخطوة في ظل انتقادات متزايدة حول استمرار حجم الميزانية المخصصة للزراعة، حيث كانت دول مثل السويد تدعو منذ فترة طويلة لتقليص حجم دعم الزراعة وتحويله إلى أولويات أخرى تتماشى مع التحديات الحالية.

كذلك، تقترح الوثيقة دمج العديد من صناديق الاتحاد الحالية لتشكيل صندوق جديد يهدف إلى تعزيز التنافسية الأوروبية. هذا الصندوق الجديد سيُطلق عليه “صندوق التنافسية الأوروبي”، ويهدف إلى تقديم دعم مركّز في المجالات الاستراتيجية التي تعزز مكانة الاتحاد على المستوى الدولي.

تبلغ قيمة الميزانية الحالية متعددة السنوات للاتحاد الأوروبي، للفترة 2021-2027، حوالي 1.074 تريليون يورو. ومن المعروف أن مفاوضات الميزانية في الاتحاد الأوروبي تُعد من أصعب وأطول المفاوضات نظرًا لأن لكل دولة عضو حق النقض (الفيتو)، وهو ما يجعل كل قرار يتطلب توافقًا كاملاً.

هذه التحركات الجديدة تهدف، بحسب محللين، إلى جعل الاتحاد الأوروبي أكثر استعدادًا لمواجهة التحديات المستقبلية وتعزيز دوره في المجالات الدفاعية والصناعية، ولكن من المتوقع أن تواجه هذه التغييرات مقاومة قوية من بعض الدول الأعضاء التي قد تتضرر من تقليص الدعم الزراعي.

يبقى السؤال حول مدى قدرة الاتحاد الأوروبي على الوصول إلى توافق بشأن هذه التعديلات الجذرية في الميزانية، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية المتزايدة التي تواجهها العديد من دوله. ووسط ذلك، تظل المفاوضات المقبلة حول الميزانية مسرحًا لمواجهة بين الرؤى المختلفة حول مستقبل الاتحاد الأوروبي وكيفية استغلال موارده.

المصدر: europaportalen

المزيد من المواضيع