تواجه السويد انتقادات شديدة بزعم أنها تُسهِم في فقدان مساحات كبيرة من الغابات، حيث أشارت تقارير أوروبية إلى أن البلاد فقدت 20% من غاباتها خلال العقدين الماضيين. إلا أن تقريرًا نشره التلفزيون السويدي “SVT” كشف أن هذه الادعاءات ليست دقيقة، وأن البيانات المستخدمة في بعض الدراسات قد أساءت تفسير التحولات في الغابات السويدية.
وفقًا ليوناس فريدمن، الباحث في جامعة الزراعة السويدية، فإن الأرقام التي تشير إلى أن السويد فقدت 20% من غاباتها غير صحيحة تمامًا. وأكد فريدمن أن البيانات المستندة إلى صور الأقمار الصناعية مثل تلك التي يستخدمها “Global Forest Watch” ليست مخصصة بشكل دقيق لمناطق مثل الشمال الأوروبي، مما يؤدي إلى تسجيل الغابات التي خضعت لعملية تخفيف النمو على أنها مناطق تمت إزالة أشجارها بالكامل.
الأصول الخطأ للتقارير
الجدل بدأ بعد أن نشرت مجلة “Nature” دراسة أعدت بتكليف من المفوضية الأوروبية قبل أربع سنوات، حيث أظهرت الدراسة أن السويد وفنلندا مسؤولتان عن أكثر من نصف الزيادة في عمليات إزالة الغابات في أوروبا. وأُعقبت تلك الدراسة بمقال من “معهد الموارد العالمية” زعم أن الأراضي المغطاة بالأشجار في السويد تقلصت بنسبة 20%. إلا أن مراجعة البيانات الجغرافية وصور الأقمار الصناعية التي قامت بها قناة “SVT” أظهرت أن عمليات التخفيف (gallring) تم تسجيلها عن طريق الخطأ كإزالة كاملة للغابات.
ويقول فريدمن: “نحن لا نعارض التحليل عن بُعد، ولكن نظام Global Forest Watch مصمم لتحليل الغابات من منظور عالمي ولا يمكن تعديل خوارزمياته لتتناسب مع جميع المناطق حول العالم، وخاصة المناطق الشمالية”.
معلومات مضللة وجهود تصحيح
واجه الباحثون في السويد صعوبة في تصحيح المعلومات الخاطئة المنتشرة، حيث أكد فريدمن أن فريقه اضطر لقضاء وقت طويل في محاولات نشر التوعية بشأن الأخطاء الموجودة في تلك التقارير. وأضاف: “علينا بذل جهد كبير للوصول إلى الجمهور وتوضيح أن العناوين الصارخة ليست دقيقة”.
زيادة الطلب على الأخشاب والتحديات البيئية
أكد فريدمن أن زيادة الطلب على الأخشاب خلال فترة جائحة كورونا، بالإضافة إلى تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا على رفع أسعار الأخشاب، دفعت مالكي الغابات في السويد إلى زيادة معدلات القطع. وأضاف: “لدينا الآن ضعف حجم الغابات لكل هكتار مقارنة بما كان عليه الحال قبل 100 عام”.
تعتبر الغابات في السويد جزءًا مهمًا من الخطط السياسية لتحقيق الأهداف البيئية، بما في ذلك الالتزامات بخفض انبعاثات الكربون وزيادة التنوع البيولوجي. السويد تعهدت بزيادة كمية ثاني أكسيد الكربون التي تمتصها غاباتها بنسبة 10% لتحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي المناخية، بالإضافة إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي واستخدام الغابات كمصدر للطاقة المتجددة.
كيفية التحقيق في البيانات
تم تحميل بيانات إزالة الغابات في السويد من موقع جامعة ماريلاند عبر Global Forest Watch، وتم تحليلها ومقارنتها مع صور الأقمار الصناعية التاريخية من Google Earth، حيث تم الكشف عن تسجيل عمليات قطع للأشجار بشكل خاطئ رغم عدم وجود تغييرات حقيقية في الغابات في بعض المناطق.
وتشير القناة السويدية إلى أن خوارزميات Global Forest Watch ليست مهيأة بشكل كافٍ لتفسير التحولات التي تحدث في الغابات السويدية، والتي غالبًا ما تشمل عمليات تخفيف للأشجار بدلاً من إزالتها بالكامل.
التحديات المستقبلية
تظل الغابات السويدية مصدرًا للنقاش المستمر، حيث تتطلب الحاجة إلى تحقيق التوازن بين الاستغلال الاقتصادي والحفاظ على البيئة جهداً كبيراً. وأشار فريدمن إلى أن استخدام التكنولوجيا وبيانات الأقمار الصناعية يجب أن يكون دقيقًا ومناسبًا للبيئة المحددة لضمان توجيه القرارات السياسية بشكل صحيح.
بينما تُظهر التقارير الحديثة بعض الانتقادات الحادة تجاه ممارسات السويد في إدارة الغابات، يبقى التفسير العلمي الدقيق للبيانات أمرًا ضروريًا لفهم الواقع وتفادي الوقوع في أخطاء تؤثر على سياسات بيئية هامة.
المصدر: svt