التحول إلى التوقيت الشتوي في السويد: جدل متجدد حول ضرورة التغيير وتأثيره على الحياة اليومية

التحول الى التوقيت الشتوي. Foto: Trafik Göteborg

مع حلول يوم غد الأحد، تستعد السويد، مثل باقي دول أوروبا، للانتقال إلى التوقيت الشتوي، حيث يتم تأخير الساعة ساعة واحدة لتتوافق مع ما يُعرف بـ “التوقيت الطبيعي” أو “القياسي”. يعود تاريخ هذا النظام إلى بدايات القرن العشرين كوسيلة للاستفادة من ضوء النهار في فصلي الصيف والشتاء، لكنه اليوم يثير جدلًا كبيرًا بين مؤيديه ومعارضيه، خاصة مع تأثيره الواضح على نمط الحياة والصحة.

التوقيت الشتوي: تقليد أم ضرورة؟

يعتبر التوقيت الشتوي من التقاليد التي استمرت لعقود، ولكنه الآن يشكل محور نقاش واسع حول ما إذا كان يجب الاستمرار في تبنيه. في السويد، يرى البعض أن الانتقال بين التوقيت الصيفي والشتوي لم يعد له أهمية فعلية في الحياة اليومية، خصوصًا في ظل تزايد الدراسات التي تربط بين تغيير الساعة واضطراب النوم والضغط النفسي. وتعد هذه المخاوف أكثر شيوعًا في بلدان الشمال، حيث تكون ساعات النهار قصيرة للغاية في فصل الشتاء، ما يجعل التغييرات الموسمية أكثر تأثيرًا على السكان.

تأثير التوقيت الشتوي على الصحة

أظهرت الأبحاث أن التغيير في الساعة قد يؤثر على الصحة بشكل ملحوظ، حيث يؤدي إلى اضطرابات في الساعة البيولوجية للجسم. وبحسب أخصائيين في الصحة العامة، فإن التحول إلى التوقيت الشتوي يتسبب في اضطراب النوم لدى الكثيرين، كما قد يؤدي إلى زيادة حالات الاكتئاب الموسمي نتيجة قلة التعرض للضوء الطبيعي في الشتاء.

وتقول إيفا كارلسون، أخصائية في النوم بجامعة لوند: “أي تغيير في التوقيت يؤثر على نمط النوم لدينا، ويمكن أن يتسبب في زيادة الشعور بالإرهاق وحتى تأثيرات نفسية. نعلم أن الناس بحاجة إلى انتظام يومي، وهذا التغيير يُخرج الجسم عن توازنه”.

توجهات نحو التوقيت الثابت

مع تزايد الوعي بتأثيرات التوقيت الشتوي، تطالب العديد من الأصوات في السويد والاتحاد الأوروبي بتثبيت التوقيت على مدار العام. وقد أجرت المفوضية الأوروبية استفتاءً قبل بضع سنوات، حيث أيد حوالي 80% من الأوروبيين إنهاء التغيير بين التوقيت الصيفي والشتوي، لكن لم يتم التوصل إلى قرار نهائي بعد.

سوزان جودموندس، التي تقود حملة “الوقت الطبيعي دائمًا” في السويد، تعد من أبرز المؤيدين لهذا التوجه. وتقول سوزان: “العيش بالتوقيت الطبيعي يعني أننا نحصل على نوم أفضل ونشعر بتوازن أكبر في حياتنا اليومية. من المفترض أن التوقيت يخدم احتياجاتنا، وليس العكس”.

التأثيرات على الإنتاجية والحياة الاجتماعية

قد يبدو التحول إلى التوقيت الشتوي وسيلة لتقليل استهلاك الطاقة في السويد، لكن العديد من الأبحاث تشير إلى أنه قد يؤثر سلبًا على الإنتاجية خلال الأيام الأولى من تغيير التوقيت. فقد يشعر الناس بالإرهاق مما قد ينعكس على أداء العمل ونوعية الحياة الاجتماعية، خاصة مع زيادة ساعات الظلام.

ويقول يوان سفينسون، وهو موظف في إحدى شركات التكنولوجيا: “أعتقد أن الانتقال إلى التوقيت الشتوي لم يعد له جدوى عملية. التغيير يؤثر على حياتي بشكل كبير، وأشعر بالإرهاق طوال اليوم، خاصةً خلال الأسابيع الأولى”.

هل يجب إلغاء التوقيت الشتوي في السويد؟

رغم تزايد النقاشات حول موضوع إلغاء التوقيت الشتوي، يظل التوقيت الثابت مسألة معقدة تتطلب تنسيقًا واسعًا، خاصة مع الدول المجاورة. ففي حال قررت السويد تثبيت التوقيت، سيتطلب ذلك توافقًا مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى لضمان عدم حدوث ارتباك في المجالات الاقتصادية والسفر.

ومع ذلك، فإن أصوات المعارضين للتوقيت الشتوي تتزايد، مشيرين إلى أن هذا التغيير لم يعد مناسبًا للعصر الحديث. ويرون أن تثبيت التوقيت سيخلق استقرارًا أكبر في الحياة اليومية وسيقلل من التأثيرات الصحية والنفسية التي يعاني منها الكثيرون.

خلاصة الجدل: مستقبل التوقيت في السويد

مع بدء التحول إلى التوقيت الشتوي مرة أخرى، يبقى السؤال حول جدوى استمرار هذا النظام مطروحًا. فهل ستشهد السويد قريبًا قرارًا بإلغاء التوقيت الصيفي والشتوي واعتماد توقيت ثابت؟ هذا ما ستقرره السلطات في ضوء ما يراه المجتمع من آثار هذا التغيير.

المزيد من المواضيع