باريس: يصادف يوم غد 7 يناير الذكرى العاشرة للهجوم الإرهابي الذي استهدف مقر صحيفة شارلي إبدو الساخرة في باريس عام 2015، والذي أسفر عن مقتل 12 شخصًا، بينهم 8 من أعضاء فريق التحرير، في اعتداء أثار صدمة عالمية وأعاد الجدل حول حرية التعبير والرسوم الكاريكاتورية.
إصدار خاص لإحياء الذكرى
بمناسبة الذكرى، أصدرت الصحيفة عددًا خاصًا يحمل على غلافه رسماً كاريكاتوريًا بعنوان “غير قابلة للتدمير!”، في إشارة إلى استمرار الصحيفة رغم التهديدات والاعتداءات.
وفي افتتاحية العدد، كتب لوران سوريسو، المعروف باسم ريس، وهو أحد الناجين من الهجوم:
“الساخرة تمتلك فضيلة قوية، فقد سمحت لنا بتجاوز هذه السنوات المأساوية. إذا كنت ترغب في الضحك، فهذا يعني أنك تريد أن تعيش. الضحك، السخرية، والرسوم الكاريكاتورية هي تجسيد للأمل والتفاؤل.”
كما خصصت الصحيفة أربع صفحات لعرض رسوم مختارة من مسابقة دعا فيها محررو الجريدة رسامي الكاريكاتير لتقديم أكثر الرسومات جرأة وسخرية من الشخصيات الدينية.
الهجوم الذي هز العالم
وقع الهجوم على يد شقيقين من أصول جزائرية، نفذا العملية انتقامًا لنشر الصحيفة رسومًا كاريكاتورية للنبي محمد. ومنذ الحادث، انتقلت هيئة تحرير شارلي إبدو إلى مقر سري، مع خضوع كبار الصحفيين والرسامين لحماية أمنية مشددة، خوفًا من استمرار التهديدات.
شعار “Je suis Charlie” رمزًا لحرية التعبير
بعد ساعات من الاعتداء، انتشر شعار “Je suis Charlie” (أنا شارلي) عالميًا، ليصبح رمزًا للتضامن مع ضحايا الهجوم والدفاع عن حرية التعبير.
لكن في المقابل، واجهت الصحيفة انتقادات واسعة، خاصة من دول ذات أغلبية مسلمة، بسبب ما اعتُبر إساءة متعمدة للرموز الدينية، ضمن تقاليد فرنسية قديمة تتبنى حرية السخرية من الأديان.
الجدل حول حدود حرية التعبير
منذ تأسيسها عام 1970، اختبرت الصحيفة الحدود القانونية لحرية التعبير الفرنسية التي تسمح بالسخرية من الأديان، لكنها تحظر التحريض على الكراهية العرقية والدينية.
وفي هذا السياق، صرح رئيس التحرير جيرارد بيارد في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية:
“نحن لا نهاجم الأشخاص، بل ما يمثلونه. هدفنا ليس الإساءة بقدر ما هو التعبير عن آرائنا بحرية.”
إلا أن منتقدي الصحيفة يعتبرون أنها تجاوزت حدود النقد المشروع، مشيرين إلى رسوم كاريكاتورية اعتُبرت معادية للإسلام وربطت المسلمين بالإرهاب، إلى جانب رسوم استفزازية أخرى مثل رسم للسيدة مريم العذراء مصابة بفيروس mpox، والذي أدى إلى تقديم شكاوى من منظمات كاثوليكية في فرنسا.
الضحايا الذين فقدوا حياتهم في الهجوم
الهجوم على شارلي إبدو أدى إلى مقتل خمسة من أشهر رسامي الكاريكاتير في فرنسا، الذين تركوا بصمة واضحة في مجال النقد الساخر، ومن بينهم:
- شارب (Stéphane Charbonnier)، الذي كان تحت الحماية الأمنية منذ 2011 بعد نشر رسم للنبي محمد.
- كابو (Jean Cabut)، الذي كان مهددًا بسبب رسوم دينية ساخرة.
- وولينسكي (Georges Wolinski)، أحد رواد الكاريكاتير في فرنسا.
- أونوريه (Philippe Honoré)، الذي عمل بالصحيفة منذ عام 1992.
- تينييس (Bernard Verlhac)، فنان صحفي بارز.
استمرار التهديدات الأمنية
ما زالت هيئة تحرير شارلي إبدو تعمل تحت ظروف أمنية مشددة، حيث يخضع موظفوها لحماية دائمة من الشرطة الفرنسية بسبب استمرار التهديدات الإرهابية ضدهم.
بعد عقد من الهجوم، تبقى ذكرى “شارلي إبدو” رمزًا معقدًا للصراع بين حرية التعبير واحترام المقدسات، في عالم لا يزال منقسمًا حول هذه القضية الحساسة.
المصدر: tv4