تحول مهني غير مسبوق في السويد: نقص الأطفال يدفع موظفي رعاية الأطفال للانتقال إلى قطاع السجون

صورة تعبيرية لاحد دور رعاية الأطفال في السويد. Bild: Anders Forselius

ستوكهولم: تشهد السويد تحولًا لافتًا في سوق العمل، حيث يترك العديد من موظفي رعاية الأطفال وظائفهم التقليدية ويتجهون للعمل في قطاع السجون، وهو تغيير مدفوع بعدة عوامل رئيسية تتعلق بانخفاض أعداد الأطفال وزيادة الحاجة إلى كوادر أمنية مؤهلة في مراكز الاحتجاز، نقلا عن موقع التلفزيون السويدي svt.

قصة يونّا لارسون ليدين: من رعاية الأطفال إلى العمل في السجون

تعد يونّا لارسون ليدين واحدة من الأمثلة البارزة على هذا التحول. بعد 30 عامًا من العمل كموظفة في مجال رعاية الأطفال، قررت الانتقال إلى وظيفة حارسة في السجون، تحديدًا في سجن كريستيانستاد.

عن تجربتها السابقة في رعاية الأطفال، تقول يونّا:

  • “كنت أشعر بعدم الأمان في بيئة العمل، حيث أصبحت السلوكيات العدوانية لدى الأطفال أكثر انتشارًا، ولم تكن هناك بروتوكولات واضحة للتعامل مع هذه الحالات المتزايدة.”

أما عن عملها في السجون، فتوضح:

  • “ما يعجبني هنا هو وجود خطط وبروتوكولات واضحة لكل السيناريوهات المحتملة، مما يمنحني شعورًا أكبر بالتحكم في بيئة العمل.”

لماذا يحدث هذا التحول؟

الانتقال من رعاية الأطفال إلى العمل في السجون ليس مصادفة، بل يأتي نتيجة عدة عوامل مجتمعة:

1. تراجع أعداد الأطفال في السويد

وفقًا للإحصائيات، فإن عدد الأطفال في الفئة العمرية لمرحلة ما قبل المدرسة يتناقص في العديد من مناطق السويد، مما يؤدي إلى تراجع الحاجة لموظفي الحضانات ومؤسسات رعاية الأطفال.

2. توسّع قطاع السجون السويدي

في المقابل، يواجه قطاع السجون السويدي حاجة ماسة للتوسع. وتشير الخطط الحكومية إلى:

  • إضافة 2000 زنزانة جديدة في سكينيا وبليكيني خلال العقد المقبل.
  • بناء أكبر سجن في السويد في مدينة تريلبورغ، بسعة تتجاوز 700 زنزانة.

3. الحاجة لمهارات التعامل مع السلوكيات الصعبة

تُعد المهارات المكتسبة من العمل مع الأطفال، مثل:

  • الصبر والقدرة على تهدئة النزاعات.
  • إدارة السلوكيات الصعبة.
  • التعامل مع المواقف الحساسة بحكمة وهدوء.

مناسبة تمامًا للتعامل مع السجناء، مما جعل موظفي رعاية الأطفال هدفًا أساسيًا لقطاع السجون عند البحث عن كوادر مؤهلة.


تدريب جديد لتسهيل الانتقال المهني

لمواجهة هذا التحول في سوق العمل، بدأت بلدية تريلبورغ في تقديم برنامج تدريبي جديد مصمم خصيصًا للعاملين في قطاع رعاية الأطفال والرعاية الصحية لتسهيل انتقالهم إلى وظائف السجون.

أبرز أهداف البرنامج التدريبي:

  • تطوير مهارات الرعاية والاحتواء النفسي.
  • تدريب المشاركين على التحكم في الأزمات والتعامل مع المواقف المعقدة.
  • تعزيز مهارات التواصل الفعّال والتعامل مع الأفراد ذوي السلوكيات الصعبة.

وجاء في بيان البلدية:

  • “البرنامج يهدف إلى تزويد المشاركين بمهارات شاملة تساعدهم في الانتقال الوظيفي، مع تركيز خاص على الأدوار التربوية والرعائية.”

التحديات والانتقادات

رغم الإيجابيات المحتملة لهذا التحول، إلا أن هناك مخاوف وانتقادات:

  1. تأثير نقص الكوادر على رعاية الأطفال:
    • مع انتقال مزيد من الكفاءات إلى السجون، قد يؤدي ذلك إلى تراجع جودة الخدمات المقدمة في الحضانات.
  2. الفرق في طبيعة العمل:
    • يواجه بعض الموظفين صعوبات في التأقلم مع بيئة السجون الصارمة مقارنة بطبيعة العمل في رعاية الأطفال.
  3. التدريب غير الكافي:
    • رغم إطلاق البرامج التدريبية، يرى البعض أن الفترة التدريبية قد تكون غير كافية لإعداد الموظفين بشكل كامل للتعامل مع بيئة السجون.

الأثر المستقبلي

يمثل هذا التحول مثالًا واضحًا على كيفية تأثير التغيرات الديموغرافية والاجتماعية على سوق العمل، حيث يُتوقع أن:

  • تستمر الحاجة لموظفي السجون في الارتفاع بسبب التوسع في السجون.
  • تقل الحاجة لموظفي رعاية الأطفال مع تراجع عدد الأطفال في السنوات المقبلة.

هذا التحول يطرح تساؤلات حول كيفية تحقيق توازن عادل في سوق العمل السويدي، بحيث لا يؤثر نقص الكفاءات على القطاعات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية.

المزيد من المواضيع