أكثر من 350 ألف موظف ضحايا للتنمر في السويد .. ظاهرة خفية تتطلب تدخلاً فورياً وإجراءات حازمة

ظاهرة التنمر في العمل. الصورة:fizkes

دال ميديا: يعد التنمر في بيئة العمل من التحديات الصامتة التي تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية للموظفين وأداء المؤسسات. وغالبًا ما يكون هذا النوع من الإساءة المهنية خفيًا، ومتجذرًا في ممارسات يصعب اكتشافها، مثل التهميش المتعمد، والاستبعاد من الاجتماعات، والتعليقات المهينة المغلفة بروح الدعابة. ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن أي إشارة على التنمر يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وأن التدخل الفوري من الإدارة هو أمر ضروري للحفاظ على بيئة عمل صحية ومنتجة.

بينيتش: على المديرين تحمل مسؤوليتهم فورًا

تشير الطبيبة النفسية آنا بينيتش إلى أن التعامل المبكر مع حالات التنمر يمكن أن يمنع تفاقمها ويحافظ على استقرار الفريق.

وتوضح في حديثها لبرنامج على قناة tv4 السويدية:
“إذا صرح أحد الموظفين بأنه يتعرض للتنمر، فمن الضروري التعامل مع الأمر بجدية وإجراء تحقيق فوري. التنمر ليس مجرد مشكلة فردية، بل هو تحدٍ يتعلق بجودة بيئة العمل ككل.”

إحصائيات صادمة.. ربع مليون موظف متضرر سنويًا

وفقًا لإحصائيات صادرة عن منظمة Prevent، فإن ما بين 9% و11% من الموظفين في السويد يتعرضون لممارسات تنمرية في العمل، وهو ما يعادل ما بين 350,000 و450,000 موظف في جميع أنحاء البلاد.

وتظهر الدراسات أن التنمر في بيئة العمل لا يضر فقط بالضحايا المباشرين، بل يخلق جوًا سامًا يؤدي إلى تراجع الإنتاجية وزيادة معدلات الغياب والتوتر الوظيفي.

كيف يمكن للمديرين التصرف عند الاشتباه بحدوث التنمر؟

تؤكد بينيتش أن المديرين ملزمون بالتدخل فورًا عند رصد أي علامات على وجود التنمر داخل المؤسسة.

وتوضح قائلة:
“يجب على المدير اتخاذ إجراء سريع، بدءًا من فتح تحقيق داخلي، وإذا لزم الأمر، استدعاء مختصين خارجيين لضمان العدالة والموضوعية. لا يمكن ترك هذه الأمور دون معالجة، لأن التهاون قد يؤدي إلى تدمير الروح المعنوية داخل المؤسسة.”

إحدى العقبات الأساسية التي تجعل التنمر أكثر تعقيدًا هي طبيعته غير المباشرة، حيث يمكن أن يتجسد في إقصاء الضحية من الاجتماعات، تجاهل آرائه، أو التلاعب به نفسيًا عبر تعليقات لاذعة مغطاة بالسخرية.

هل يمكن طرد المتنمر من العمل؟

عند إثبات تورط موظف في ممارسات تنمرية مستمرة وممنهجة، قد يكون من الممكن إنهاء عقده أو فصله من العمل، ولكن ذلك يستوجب تحقيقًا دقيقًا وتوثيقًا رسميًا.

وتشير بينيتش إلى أن:
“المساءلة أمر حيوي في مثل هذه القضايا. إذا ثبت أن شخصًا ما يتسبب عمدًا في الإضرار بزملائه نفسيًا أو مهنيًا، فإن الفصل قد يكون خيارًا ضروريًا. ولكن ذلك يتطلب تحقيقًا عادلًا وشفافًا لضمان حماية حقوق جميع الأطراف.”

استراتيجيات الوقاية من التنمر في بيئة العمل

لضمان عدم تحول بيئة العمل إلى مسرح للممارسات السامة، ينبغي على المديرين وأصحاب العمل تبني نهج استباقي يشمل:

– تعزيز ثقافة الشفافية والاحترام داخل الفريق.
– تحديد سياسات واضحة لمكافحة التنمر وتطبيقها بصرامة.
– تدريب الموظفين على كيفية التصرف عند التعرض للإساءة أو ملاحظتها.
– توفير قنوات تواصل آمنة للإبلاغ عن المشكلات دون خوف من الانتقام.

التنمر ليس مشكلة فردية.. بل انعكاس لمشاكل تنظيمية أعمق

تحذر بينيتش من أن التنمر في بيئة العمل غالبًا ما يكون مجرد عرض لمشكلة أكبر داخل المؤسسة، قائلة:
“التركيز فقط على معاقبة فرد بعينه لن يحل المشكلة من جذورها. يجب على المؤسسات النظر إلى سياساتها الداخلية، وثقافتها التنظيمية، وأساليب القيادة التي قد تسهم في خلق بيئة غير صحية.”

متى يصبح التدخل ضروريًا؟

إذا شعر الموظف بأنه يتعرض للتنمر، فمن الضروري طلب المساعدة في أقرب وقت ممكن، سواء عبر التواصل مع المدير المباشر، أو النقابة، أو ممثل الحماية في العمل، أو خدمات الصحة المهنية.

وفي النهاية، يبقى بناء بيئة عمل آمنة وداعمة مسؤولية الجميع، ولا ينبغي أبدًا التغاضي عن السلوكيات التي تهدد رفاهية الموظفين وإنتاجيتهم.

المصدر: tv4

المزيد من المواضيع