قرارات مثيرة للجدل وتصريحات صادمة.. هل يغير ترامب وجه أمريكا إلى الأبد؟

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب . Evan Vucci/AP Photo

دال ميديا: في ظل تصاعد التوترات الدولية، يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إطلاق تصريحات مثيرة للجدل، تؤثر على علاقات بلاده الخارجية وتدفع بالمؤسسة السياسية في الداخل إلى حالة من الاستقطاب الحاد. وبينما يواجه انتقادات متزايدة من الحلفاء الأوروبيين، يسعى ترامب إلى ترسيخ سلطته داخليًا من خلال قرارات تنفيذية مثيرة للجدل، ما يثير مخاوف داخل حزبه الجمهوري من ردود فعل عنيفة قد تطال حتى من يعارضه.

هجوم على الناتو وتصريحات متناقضة بشأن أوكرانيا

شهد الأسبوع الأخير موجة من المواقف المتشددة من قبل الإدارة الأمريكية، حيث هاجم نائب الرئيس جي دي فانس حلفاء الناتو الأوروبيين، موجهًا انتقادات لاذعة إلى سياساتهم الدفاعية. وبعدها بيوم، أكد ترامب في خطاب له:
“من يدافع عن بلاده لا ينتهك أي قانون”.

وفي موقف أثار موجة من الغضب في أوروبا، حمّل ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مسؤولية الحرب الدائرة مع روسيا، رغم أن الغزو بدأ بقرار واضح من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، ففي اليوم التالي وصف ترامب زيلينسكي بـ**”الدكتاتور”**، ما عمّق الشكوك حول التزام واشنطن بدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا.

تعزيز صلاحيات البيت الأبيض وسط مخاوف جمهورية

وفي خطوة لافتة، وقّع ترامب خلال الأيام الماضية على أمر تنفيذي جديد يجعل الوكالات الفيدرالية المستقلة تحت إشراف مباشر من البيت الأبيض، مما يمنح الرئيس سلطة غير مسبوقة على المؤسسات الحكومية.

الخطوة أثارت قلقًا ليس فقط بين الديمقراطيين، ولكن داخل الحزب الجمهوري نفسه، حيث أفادت تقارير صحفية بأن العديد من المشرعين الجمهوريين يخشون مواجهة ترامب علنًا، خوفًا من تعرضهم لهجمات سياسية أو حتى أعمال عنف من أنصاره.

وبحسب مجلة Vanity Fair، فإن بعض الأعضاء الجمهوريين أقروا بأنهم اتخذوا قرارات تحت الضغط المباشر من ترامب أو خوفًا من ردود فعل مؤيديه. أحد هذه القرارات كان الموافقة على تعيين شخصيات مثيرة للجدل في مناصب حكومية، مثل روبرت كينيدي جونيور وتولسي غابارد اللذين تم تعيينهما حديثًا كوزراء.

مقارنات بتاريخ ألمانيا في الثلاثينيات

في ظل تصاعد النفوذ المتزايد لترامب داخل الحزب الجمهوري، شبّه ستيوارت ستيفنز، المستشار السابق لحملة ميت رومني الرئاسية عام 2012، الوضع الحالي في الحزب بـألمانيا الثلاثينيات.

وقال ستيفنز في تصريح لـVanity Fair:
“من المغري مقارنة الجمهوريين اليوم بالنخبة البروسية في ألمانيا خلال ثلاثينيات القرن الماضي، لكن الفرق أن تلك النخبة على الأقل كانت تواجه اضطرابات مدنية وخطر استيلاء الشيوعيين على السلطة. أما الجمهوريون اليوم، فهم يملكون سوقًا مزدهرة واقتصادًا قويًا، فما هي حجتهم؟”.

مخاوف من أعمال عنف ضد الجمهوريين المعارضين

أفادت مصادر مقربة من الحزب الجمهوري أن بعض المشرعين يعتقدون أن مؤيدي ترامب قد يلجؤون إلى العنف ضدهم إذا تجرأوا على معارضته.

ونقل تقرير Vanity Fair عن مسؤول سابق في إدارة ترامب قوله:
“العديد من الجمهوريين يخشون التهديدات بالقتل أو حتى الممارسات التي تشبه ما كانت تفعله “الغستابو” في ألمانيا النازية”.

تحذيرات من تهديدات مباشرة ضد أعضاء مجلس الشيوخ

وفقًا لمصادر مطلعة، فقد تلقى السيناتور توم تيليس من ولاية كارولاينا الشمالية تحذيرًا من مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بوجود تهديدات موثوقة باغتياله، بعدما فكر في التصويت ضد تعيين بيت هيجسيث، الإعلامي السابق في قناة فوكس نيوز، كوزير للدفاع.

لكن بعد تلقيه التحذير، منح تيليس الصوت الحاسم (رقم 50) الذي سمح بتمرير التعيين.

في المقابل، رفض مكتب FBI التعليق على هذه المعلومات، بينما نفى المتحدث باسم تيليس صحة التقرير.

ترامب يمنح العفو لمقتحمي الكابيتول

يأتي هذا التصعيد الداخلي في وقت اتخذ فيه ترامب واحدًا من أكثر قراراته إثارة للجدل منذ عودته إلى البيت الأبيض. ففي أحد قراراته الأولى كرئيس، أصدر عفوًا عن مجموعة من المتورطين في اقتحام الكابيتول عام 2021، بمن فيهم مؤسس منظمة “Oath Keepers” اليمينية المتطرفة، الذي كان قد حُكم عليه بالسجن لمدة 18 عامًا.

مستقبل مجهول في ظل تصاعد المخاوف

مع كل هذه التطورات، يبدو أن إدارة ترامب الثانية تتجه نحو تركيز غير مسبوق للسلطة، ومزيد من السيطرة على مؤسسات الدولة، وتصعيد في الخطاب السياسي داخليًا وخارجيًا.

وبينما يراقب العالم بقلق التطورات في واشنطن، يتساءل كثيرون عن مدى قدرة النظام الديمقراطي الأمريكي على تحمل الضغط المتزايد الذي يمارسه ترامب وأنصاره، وما إذا كانت البلاد في طريقها نحو مرحلة جديدة من الاستقطاب السياسي الحاد الذي قد يهدد استقرارها الداخلي.

المزيد من المواضيع