هوية غير مألوفة تثير الجدل بين القبول والرفض.. وموجة تنمر تهدد مجتمعهم
دال ميديا: في ظاهرة تتزايد انتشارًا على وسائل التواصل الاجتماعي وبين الشباب، بدأ عدد من الأطفال والمراهقين في السويد التعبير عن أنفسهم ككائنات غير بشرية، معتبرين أنفسهم جزءًا من عالم الثيريان”therian” أو مجتمع “الفورّيز”، حيث يرتبطون نفسيًا وروحيًا بحيوانات معينة ويعتبرونها جزءًا من هويتهم. ولكن هذه الهوية لم تمر دون تحديات، حيث يواجه هؤلاء الأطفال تنمرًا وتهديدات تصل إلى حد العنف اللفظي على الإنترنت وفي الحياة الواقعية، كما جاء في خبر نشره موقع قناة svt.
لوكاس وتشارلي.. طفلان في مواجهة العالم
لوكاس، 12 عامًا، يشعر وكأنه قطة كاليكو، ثعلب أحمر، وقندس، بينما يرى صديقه تشارلي نفسه على أنه ذئب أبيض وماين كون أسود وكولي. لكن هذا التعريف الذاتي الغريب لم يكن سهل القبول، فقد أصبحا هدفًا للتنمر في المدرسة والشوارع وحتى على الإنترنت.
“يكتب لي الناس: ’إنه موسم الصيد‘ أو ’لدينا الكثير من الثعالب في الغابة، يجب أن نصطادها‘”، يقول لوكاس بحزن، مشيرًا إلى الرسائل العدوانية التي تصله على وسائل التواصل الاجتماعي عندما يظهر مرتديًا أذني حيوان أو ذيلًا.
ويضيف تشارلي:
“لا نفعل أشياء غريبة كما يعتقد البعض. نحن لا نأكل العشب، ولا نستخدم صناديق الفضلات مثل القطط، نحن بشر… لكن لدينا هوية مختلفة.”
التنكر والاندماج.. كيف يعيش الثيريانيون يومهم؟
يرتدي بعض أفراد مجتمع “الثيريان” أو “الفورّيز” أزياء مستوحاة من الحيوانات التي يشعرون أنهم ينتمون إليها، ويشاركون في أنشطة مثل “الكوادرُوبيكس”، وهي تمارين تعتمد على المشي على أربع أرجل لتعزيز الإحساس بالهوية الحيوانية. لكن في بيئة المدرسة، يختار الأطفال غالبًا عدم ارتداء ملابسهم المميزة لتجنب المضايقات.
“في المدرسة، لا نرتدي الأذنين أو الذيول، لأنه يجعلنا هدفًا سهلاً للمتنمرين،” يقول تشارلي، موضحًا كيف أصبحت هذه الهوية سببًا للعزلة الاجتماعية أحيانًا.
ملتقى في مالمو.. فرصة نادرة للقاء بدون خوف
رغم التحديات، يجد لوكاس وتشارلي فرصة نادرة للاندماج بحرية في مجتمعهم خلال أكبر تجمع للـ “فورّيز” والثيريانيين في شمال أوروبا – NordicFuzzcon، الذي يعقد هذا الأسبوع في مالمو.
“انتظرنا هذا الحدث طوال العام!”، يقول لوكاس بحماس.
من المتوقع أن يلتقي المشاركون بآخرين يتشاركون معهم هذه الهوية، متنكرين في أزياء مستوحاة من حيوانات مثل النمور الثلجية، الذئاب الرمادية، والوشق. ويعتبر الحدث فرصة للذين يشعرون بأنهم غير مفهومين أو منبوذين اجتماعياً للقاء آخرين يتقبلونهم دون إصدار الأحكام.
هل هي مجرد “كوسبلاي” أم هوية نفسية حقيقية؟
يختلف تفسير ظاهرة “الثيريان”؛ فالبعض يراها امتدادًا لحب الكوسبلاي والتنكر، بينما يؤكد آخرون أنها هوية نفسية عميقة، وليست مجرد موضة أو اهتمام مؤقت.
إلزا دانكلس، الباحثة في مجال سلوكيات الإنترنت لدى الشباب، ترى أن هذه الهويات ليست مجرد تقليد أو تمرد على المجتمع، وإنما طريقة جديدة للتعبير عن الذات.
“الأطفال الذين يجدون أنفسهم في هذه المجتمعات ليسوا بالضرورة مضطربين، إنهم يبحثون عن طريقة ليكونوا على طبيعتهم في عالم لا يتفهمهم دائمًا”، تقول دانكلس.
الجدل مستمر.. تقبل أم رفض؟
تظل مجتمعات “الثيريان” و”الفورّيز” ظاهرة غير مفهومة لدى الكثيرين، مما يثير نقاشات واسعة بين من يطالب بقبول التنوع في الهويات، ومن يرى أنها مجرد نزعة مؤقتة يجب التعامل معها بحذر.