أكثر من 250 مليار يورو سنويًا.. هل تشتري أوروبا استقلالها العسكري عن أمريكا؟

الجيوش الأوروبية. retepacedisarmo

دال ميديا: كشفت دراسة حديثة صادرة عن مركز “بروغل” البحثي ومعهد “كيل” للاقتصاد العالمي، أن أوروبا قادرة على تحقيق أمنها العسكري دون الاعتماد على الولايات المتحدة، بشرط تعبئة استثمارات دفاعية سنوية تصل إلى 250 مليار يورو، وهو مبلغ يُعتبر ممكنًا اقتصاديًا بالنظر إلى القوة الاقتصادية للاتحاد الأوروبي.

تمويل متاح لكن غياب التنسيق العسكري يعوق الاستقلالية

وفقًا للدراسة، فإن هذا التمويل يمثل 1.5% فقط من الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي، وسيسمح بتجنيد 300 ألف جندي إضافيلمواجهة التهديدات الأمنية، وخاصة الروسية. لكن الباحثين أكدوا أن التحدي الحقيقي لا يكمن في توفير التمويل، بل في تعزيز التنسيق العسكري بين الجيوش الأوروبية، التي لا تزال تعاني من انقسامات سياسية وعسكرية رغم التصريحات الداعية للوحدة الدفاعية.

الدراسة جاءت وسط تصاعد التحذيرات الأمريكية من اعتماد أوروبا المفرط على واشنطن، حيث انتقد وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيتهذا الاتكال، مؤكدًا أن الولايات المتحدة “لن تتحمل وحدها أعباء الدفاع الأوروبي”.

ضغوط أمريكية وتهديدات ترامب تسرّع البحث عن بدائل

تزامنت هذه النتائج مع تصعيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لضغوطه على دول الناتو، مطالبًا إياها برفع إنفاقها الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي، مقابل النسبة الحالية التي تبلغ 2% فقط. كما منح مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز الأوروبيين مهلة حتى يونيو المقبل للوفاء بالتزاماتهم المالية الدفاعية داخل الحلف.

في هذا السياق، اقترحت الدراسة أن تقوم أوروبا برفع ميزانيتها الدفاعية إلى 4% سنويًا، يتم تمويل نصفها عبر سندات أوروبية مشتركة لشراء أسلحة موحدة، فيما تتحمل كل دولة النصف الآخر.

موسكو تعزز ترسانتها.. هل تواجه أوروبا فجوة تسليحية؟

أكدت الدراسة أن روسيا عززت قدراتها العسكرية بشكل غير مسبوق منذ غزو أوكرانيا، حيث قامت بتجنيد 700 ألف جندي جديدوزيادة إنتاج الدبابات والمدرعات. لذا، تحتاج أوروبا إلى استجابة غير مسبوقة لمواجهة هذه التحديات.

ووفقًا للتحليلات، فإن تعزيز الدفاعات الأوروبية يتطلب إضافة 50 لواءً عسكريًا جديدًا، وتجهيز 1400 دبابة قتال رئيسية و2000 مركبة قتال مشاة، وهي أرقام تفوق الإمكانات العسكرية الحالية لألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا مجتمعة.

أوروبا بين القدرة الاقتصادية والقرار السياسي

أوضح الباحث جونترام وولف، أحد مؤلفي الدراسة، أن الأمر ممكن اقتصاديًا، مشيرًا إلى أن المبالغ المطلوبة أقل بكثير مما أنفقته أوروبا لمواجهة أزمة كوفيد-19. لكنه أكد أن العقبة الحقيقية ليست في التمويل، بل في الإرادة السياسية لجعل أوروبا قوة عسكرية كبرى ومستقلة.

وتعكس هذه الشكوك تصريحات فريدريش ميرتس، المرشح المحتمل لمنصب المستشار الألماني، الذي تساءل علنًا عن استمرارية الدور الأمريكي في الناتو، مشيرًا إلى أن أوروبا قد تجد نفسها مضطرة لإعادة تقييم استراتيجياتها الدفاعية في ظل المتغيرات السياسية العالمية.

المزيد من المواضيع