تدريب الشرطة السورية وفق الشريعة الإسلامية: خطوة تعيد الأخلاق أم تعمّق الانقسامات؟

تدريب قوات الشرطة السورية الجديدة. رويترز

دال ميديا: تسعى الحكومة السورية الانتقالية إلى إعادة بناء النظام الأمني في البلاد بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، معتمدة على الشريعة الإسلامية كركيزة لتدريب قوة الشرطة الجديدة. هذه الخطوة، رغم هدفها المعلن لتعزيز الأخلاق، تثير جدلاً واسعًا داخليًا وخارجيًا حول تأثيرها على التعايش الطائفي ومستقبل البلاد، بحسب ما جاء في تقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء.

خطوة مثيرة للجدل

بدأت السلطات في تدريب عناصر الشرطة الجديدة في دمشق باستخدام تعاليم الشريعة الإسلامية، مع التركيز على مبادئ السلوك الإسلامي. تم استقدام ضباط من إدلب للإشراف على التدريب، الذي يستمر حاليًا لمدة 10 أيام فقط.

يقول هشام هلال، المسؤول عن التدريب:
– “نهدف إلى تحسين التدريب عندما يتحسن الوضع الأمني، ليصل إلى تسعة أشهر.”

في الوقت نفسه، تضمنت طلبات التقديم للشرطة أسئلة عن المعتقدات الشخصية، ما أثار مخاوف من التمييز ضد الأقليات.

ردود فعل محلية ودولية

يرى محللون أن اعتماد الشريعة الإسلامية في تدريب الشرطة قد يعمق الانقسامات في سوريا، التي تضم تنوعًا طائفيًا ودينيًا كبيرًا.
يقول آرون لوند، الباحث في مركز Century International:
– “هذه الخطوة ستثير القلق بين الأقليات وحتى بعض المسلمين السنة الذين يعيشون في مدن ذات طابع علماني مثل دمشق وحلب.”

دبلوماسي غربي عبّر عن مخاوفه من تأثير هذه السياسة على الإصلاح الدستوري، قائلاً:
– “قد تُعرقل هذه الخطوة الجهود الرامية إلى وضع قوانين عادلة ومعتدلة تلبي تطلعات جميع السوريين.”

تحديات على الأرض

بعد سقوط الأسد، تعرضت مراكز الشرطة في دمشق للنهب والتدمير. حاليًا، تعمل 10 مراكز فقط من أصل 20، بموارد محدودة وضباط تم استقدامهم من إدلب.

في هذا السياق، أوضح أحمد الشرع، قائد هيئة تحرير الشام، أن جماعته تسعى إلى حكم معتدل يضمن حقوق الأقليات، مشددًا على أن الشريعة الإسلامية التي تعتمدها الشرطة الجديدة تحترم حقوق الإنسان.

أصوات معارضة

رغم التطمينات، خرج مئات من سكان دمشق في احتجاجات مطالبة بحكم علماني ومساواة بين الجنسين.
قال علي العقرباني، أحد المشاركين في الاحتجاجات:
– “لسنا ضد الإسلام، ولكننا نرفض حكمًا دينيًا يعتمد على نصوص محددة.”

كما أعرب ضباط سابقون من الأقليات عن ترددهم في الانضمام إلى الشرطة الجديدة بسبب المخاوف من التمييز.

المستقبل المجهول

في ظل التحديات السياسية والاجتماعية، يبقى السؤال حول ما إذا كانت الحكومة الانتقالية قادرة على تحقيق توازن بين الأمن واحترام التنوع.
أوضح أيمن أبو طالب، رئيس مركز شرطة المارجة:
– “الإسلام يحترم حقوق الإنسان، ونحن نعمل على بناء قوة شرطة تعكس هذا الاحترام.”

لكن مع استمرار الجدل والتحديات، تبقى قدرة الحكومة الانتقالية على تحقيق استقرار طويل الأمد موضع تساؤل.

المزيد من المواضيع