“استطلاع رأي: تراجع رغبة السويديين في حمل السلاح للدفاع عن وطنهم.. وتحذيرات من تداعيات خطيرة

التجنيد في صفوف الجيش السويدي. Foto: Fredrik Sandberg/TT

دال ميديا: وسط تحولات عميقة في المشهد الأمني العالمي، أظهرت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة نوفوس (Novus)، المعنية بالاستطلاعات، انخفاضًا ملحوظًا في رغبة السويديين بالدفاع عن بلادهم عسكريًا، حيث تراجعت نسبة المستعدين للقتال من 41% في يناير إلى 35% في فبراير. يأتي هذا التراجع في ظل إعادة صياغة الولايات المتحدة لعلاقتها الأمنية مع أوروبا، ما أثار تساؤلات حول مدى قدرة الدول الأوروبية على الاعتماد على نفسها في مواجهة التهديدات المتزايدة، نقلا عن قناة tv4.

التحولات في الموقف الأمريكي وتداعياتها على أوروبا

منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة مجددًا، أصبحت توجهات الولايات المتحدة أكثر انعزالًا فيما يتعلق بالتزاماتها تجاه الحلفاء الأوروبيين. وفي مؤتمر ميونيخ الأمني، صرّح نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس بوضوح أن واشنطن لم تعد “الحليف الموثوق” الذي بنت أوروبا عليه أمنها منذ الحرب العالمية الثانية، مضيفًا:
“التهديد الأكبر الذي يواجه أوروبا ليس روسيا أو الصين، بل تخليها عن قيمها الأساسية التي تتقاسمها مع الولايات المتحدة.”

تراجع إرادة الدفاع لدى السويديين

مع تصاعد هذه التحديات، طرحت دراسة Novus سؤالًا جوهريًا على السويديين: “هل أنت مستعد لحمل السلاح والدفاع عن السويد حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة بحياتك؟”.

وجاءت النتائج كالتالي:

  • يناير 2024: 41% أجابوا بـ”نعم”، مقابل 43% قالوا “لا”، بينما 16% لم يحسموا موقفهم.
  • فبراير 2024: تراجعت نسبة المؤيدين للدفاع عن البلاد إلى 35%، في حين ارتفعت نسبة الرافضين إلى 46%، كما ارتفعت نسبة المترددين إلى 19%.

يُعزى هذا التراجع إلى الشعور بعدم اليقين حول مستقبل الأمن الأوروبي، حيث أوضح يوهان نوربيرغ، المحلل الأمني في معهد أبحاث الدفاع السويدي، أن هذا التحول يعكس اتجاهًا نفسيًا يتجنب التفكير في الأسوأ، مضيفًا:
“نحن ندخل حقبة حيث تعتمد الدول على قوتها الذاتية لضمان أمنها، وعندما تظهر دولة بمظهر الضعف، فإنها تزيد من احتمالات تعرضها للتهديد.”

تزايد القبول بتسوية لا تضمن استعادة أوكرانيا لأراضيها

في تطور لافت، كشفت الدراسة أيضًا عن تزايد نسبة السويديين الذين يقبلون بحل وسط في حرب أوكرانيا، حتى لو أدى ذلك إلى استمرار السيطرة الروسية على أجزاء من الأراضي الأوكرانية. ففي حين دعم 72% في يناير استمرار القتال حتى خروج روسيا بالكامل، تراجع هذا الدعم إلى 68% في فبراير.

على الجانب الآخر، ارتفعت نسبة المؤيدين لحل دبلوماسي يمنح روسيا السيطرة على بعض الأراضي الأوكرانية من 15% إلى 21%، وهو مؤشر على تزايد الإرهاق العام من استمرار الحرب دون حل واضح.

تحذيرات أمنية من المخاطر المستقبلية

في تعليق على هذه التوجهات، حذّر يوهان نوربيرغ من أن أي تسوية لا تضمن أمن أوكرانيا قد تعني مجرد هدنة مؤقتة، تمهيدًا لجولة جديدة من الصراع مستقبلاً، قائلاً:
“إذا فرضنا سلامًا غير مستدام، فإننا في الواقع نضغط على زر الإيقاف المؤقت فقط، وسنشهد استئناف الحرب بمجرد أن تعيد روسيا بناء قوتها العسكرية.”

كيف يجب أن ترد السويد؟

في مواجهة هذا الواقع الجديد، يرى العديد من السويديين أن تعزيز القدرات الدفاعية الوطنية يجب أن يكون على رأس الأولويات. تقول مونا أود، إحدى المشاركات في الاستطلاع:
“يجب أن نركز على تقوية دفاعنا وزيادة وعينا بالتهديدات المحتملة.”

فيما يشير تومي لارسون، أحد المارة في شوارع ستوكهولم، إلى أهمية الاعتماد على الإمكانيات الأوروبية:
“أوروبا تضم 550 مليون نسمة ولديها اقتصاد أقوى بعشرة أضعاف من روسيا، لذا علينا تعزيز صناعتنا العسكرية فورًا.”

السويد عند مفترق طرق استراتيجي

مع تراجع الالتزام الأمريكي بأمن أوروبا، وتزايد المخاطر الإقليمية، تجد السويد نفسها في لحظة حاسمة من تاريخها الدفاعي. فهل ستختار تعزيز قدراتها العسكرية واستقلاليتها الأمنية؟ أم ستسير في اتجاه تسويات دبلوماسية قد لا تضمن أمنها على المدى الطويل؟

في ظل هذه التحديات، يبقى أمر واحد مؤكدًا: العالم الذي اعتادت السويد أن تعتمد فيه على الآخرين لضمان أمنها قد بدأ يتغير، وبسرعة.

المزيد من المواضيع